صلح الامام الحسن (ع) ـ قراءة جديدة في الخلفيات والنتائج

العلامة السيد سامي البدري
العلامة السيد سامي البدري

مقال نشر في مجلة تراث النجف الحضاري والديني العدد الثاني سنة 2013
تاليف : السيد سامي البدري.

خلاصة المقال :

درس الباحثون شخصية الامام الحسن(ع) من جانبين: الاول السيرة الشخصية، والثاني السيرة السياسية وكانت ابرز قضية فيها هي دوافع صلحه مع معاوية وكان الباحثون على نوعين : مستشرقون واسلاميون، اما المستشرقون فكان رايهم سلبيا في الحسن(ع) في كلا الجانبين وقد استندوا في ذلك على روايات مبثوثة في المصادر التاريخية الاسلامية المبكرة .

اما الاسلاميون فهم قسمان :

باحثون شيعة يعتقدون مسبقا بالامامة الالهية للحسن(ع) وعصمته وانه برئ مما وصفه الرواة انه كان متهالكا على المال وانه كان منصرفا الى حياة الترف وان اهم دافع للصلح مع معاوية هو تخاذل الكوفيين آنذاك إذ كان فيهم من يفكر بتسليم الحسن(ع) حيا الى معاوية وفي مثل هذه الحال اقدم الحسن(ع) على الصلح لحفظ نفسه وقلة من شيعة ابيه من جهة، ولفضح معاوية إذ سيعلن عن عدم التزامه بالشروط ، وان معاوية قد اعلن ذلك عندما دخل الكوفة وانه انما قاتل على الامرة وقد اعطاه الله ذلك .

وباحثون سنة يرون في الامام الحسن(ع) شخصية اسلامية عظيمة عكست التقوى والزهد في الدنيا وتقديم المصلحة العامة على المصلحة الشخصية وقد وافق اغلبهم الباحثين الشيعة فيما ذهبوا اليه من تحليل لدوافع الصلح عند الحسن في جزئها الاول وهو خذلان العراقيين له .

وقد استند الباحثون سنة وشيعة في نظرتهم تلك إلى روايات تاريخية نسب بعضها الى الامام الحسن(ع) نفسه . كما استند الشيعة في تحليلهم ان معاوية قد افتضح باعلانه عن حقيقته بعدم الوفاء الى روايات ذكرتها المصادر الاولى في التاريخ الاسلامي .

والذي قدمه البحث من جديد هو :

1. ان الروايات الطاعنة في شخصية الحسن(ع) و في شخصية الكوفيين قد وضعت من قبل العباسيين الحاكمين لمواجهة خصومهم الحسنيين الثائرين وتجريدهم من القاعدة الشعبية التي تؤيدهم وتطويق الكوفة بوصفهم قلعة المؤيدين لهم ، وان الروايات الصحيحة عن شخصية الحسن(ع) تبرزه اماما في العبادة والعلم وعمل الخير ، كما ان الروايات الصحيحة تبرز ان اهل العراق كانوا اوفياء ومخلصين لعلي(ع) والحسن(ع) وانهم قدموا في سبيل وفائهم ما لم يقدمه شعب آخر فی وقته .

2. ان شروط الحسن(ع) واهمها أمان شيعة علي(ع) في الكوفة كانت منفّذة لعشر سنوات وهي حقيقة مغيبة في بطون المصادر التاريخية عتَّمت عليها كثرة الاخبار الموضوعة وان غدر معاوية بالحسن(ع) وشيعته باسوأ ما يتصوره المرء في حقّ غادر كان في سنة 50هـ وليس سنة 41هـ ، وكان نقضه للشروط قد بدأ بدس السم للحسن(ع) نفسه ثم اعادة لعن علي(ع) والمنع من ذكره بخير ، وقتل شيعته الممتنعين عن لعنه وكان اخر ما نقضه من الشروط هو تعيين ولده يزيد حاكما وهاديا من بعده . وفي ضوء الحقيقة الكبيرة التي كشف عنها البحث /حقيقة الامان للشيعة وحرية التعبد والتعبير لعشر سنوات في حياة الحسن(ع) /كان لابد من البحث عن دوافع اخرى للصلح غير ما تبناه الباحثون ، وقد انطلق البحث للكشف عن الدافع من كلام الامام الحسن(ع) نفسه حين اجاب عن سؤال حول الصلح قال (علة مصالحتي لمعاوية علة مصالح النبي(ص) لقريش).

3 . ان الصلح كان قد طلبه معاوية اولا ، وكانت صيغته ان يبقى كل طرف على بلاده التي بايعته ، ولكن الحسن(ع) بصفته الشاهد الالهي على الامة وامام الهدى المنصوص عليه رفض هذه الصيغة لانها تكرس الانشقاق في الامة ، وتكرس الرؤية السلبية التي اوجدها الاعلام الاموي الكاذب ضد مشروع علي(ع) الاحيائي للسنة النبوية كما اوجد الاعلام القرشي من قبل رؤية سلبية ضد مشروع النبوة ، كما ان الصلح كان اداة النبي(ص) في مواجهة الكذب واحقاق الحق كذلك عند الحسن(ع) ، وتقدم الحسن(ع) بصيغة الصلح التي تحقق له امرين :

الاول : معالجة الانشقاق في الامة واقامة تجربة حكم مدني في المجتمع الاسلامي كله بشقيه يكون الحاكم فيه معاوية بحكم بيعة اهل الشام له ، ومن بعده يكون الحاكم هو الحسن(ع) بحكم بيعة أهل العراق له ، ووضع الحسن(ع) للحكم المدني شروطه ، ومنها الا تتدخل السلطة في الشؤون الدينية وان يترك تداول السلطة بعد معاوية والحسن(ع) للناس يبايعون من تشير اليه النصوص الدينية ويؤكده الواقع .

الثاني : تأسيس ظاهرة المرجعية الدينية المستقلة عن السلطة سواء كانت مرجعية علي(ع)، التي جاءته بنص من الله ورسوله ثم صارت للحسن(ع) من بعده بالنص من الله ورسوله ايضا ومن بعده للحسين(ع) وللتسعة من ذرية الحسين(ع) كما اكدت النصوص ذلك ، او كانت مرجعية قريش المسلمة التي تمثلت بالخلفاء الثلاثة وما شرعته للناس من فتاوى في الدين ، ويكون الناس بالخيار في العمل بفتاوى هذه المرجعية او تلك .

وقد وافق معاوية على هذه الاطروحة بل طار لها فرحا وسال لعابه ، وبعث للحسن(ع) باوراق موقعة منه ليكتب ما شاء من الشروط واصطلحا على ذلك ووفى بها عشر سنوات ثم غدر بعدها .

وقد جاء البحث في خمسة فصول هي :

الفصل الاول : شخصية الحسن بين الافتراء والواقع .

الفصل الثاني القراءة السائدة للصلح والاشكالات عليها .

الفصل الثالث القراءة الجديدة للصلح وادلتها .

الفصل الرابع : مسار ثقافة الامة الاسلامية للسنوات الخمسين الاولى من تاسيسها .

الفصل الخامس مقارنة بين مراحل سير مشروع النبوة ومشروع الامامة في هداية الامة .

وهي على النحو الآتي :

اصل المقال :

الفصل الاول

شخصية الحسن(ع) بين الافتراء والواقع

 

اجمع الباحثون المستشرقون على وصف الحسن(ع) بانه كان شخصية متخاذلة ليس جديرا ان يكون ابنا لعلي (ع) ، ولا رجل الساعة المطلوب سلم الحكم لقاء منحة سنوية يقدمها له معاوية ثم انصرف الى ملذاته وشهواته ثم مات بسبب اسرافه فيها ، وكانت مصادرهم في ذلك روايات مبثوثة هنا وهناك في مصادر التاريخ الاسلامي الاولى ، كشف البحث عن كونها روايات وضعها العباسيون لمواجهة خصومهم الحسنيين الثائرين لتجريدهم من سلاح الشعبية التي كانوا يتمتعون بها في الكوفة لمكانة ابويهم الحسن(ع) وعلي(ع) اللذين اقاما تجربتي حكم رائدتين اتسمتا بتقديم مصلحة الرسالة والامة على المصالح الشخصية .

وفي الآتي خلاصة كلماتهم ونموذج من كلمات الخليفة العباسي الطاعنة في الحسن(ع) وابيه علي(ع) وبعض الروايات المساندة ، ثم شواهد تاريخية على عظمة شخصية الامام الحسن(ع) في العبادة والسلوك والمكانة الدينية والاجتماعية .

شخصية الامام الحسن(ع) عند المستشرقين :

قال الدكتور فيليب حتي : ”ولكن الحسن الذي كان يميل الى الترف والبذخ لا الى الحكم والادارة لم يكن رجل الموقف فانزوى عن الخلافة مكتفيا بهبة سنوية منحه اياها معاوية“ . (1)

وقال الراهب اليسوعي لامنس : المتخصص بالتاريخ الاسلامي(2) عن الحسن(ع) : ”الحسن اكبر ابناء علي من فاطمة بنت رسول الله … ويلوح ان الصفات الجوهرية التي كان يتصف بها الحسن هي الميل الى الشهوات والافتقار الى النشاط والذكاء . ولم يكن الحسن على وفاق مع ابيه واخوته عندما ماتت فاطمة ولما تجاوز الشباب . وتوفي الحسن في المدينة بذات الرئة ولعل افراطه في الملذات هوالذي عجل بمنيته . (3)

وقال جرهارد كونسلمان : (لقد باع (الحسن) المنصب الذي تركه محمد (ص) لنسله من اجل المال … ويقال انه مات بالسل والهزال) . (4)

وقال سايكس : (ان الحسن غير جدير بان يكون ابنا لعلي لانه شغل بملذاته بين نسائه واكتفى بارسال اثني عشر الف جندي كطليعة لجيشه بينما احتفظ بقلب الجيش في المدائن حيث ظل يتنزه في الحدائق وخاف ان يجرب حظه في ميدان القتال . (5)

وقال الكاتب العراقي هادي العلوي : : « ان هذا الرجل (يقصد الحسن(ع)) يتعذر عليه ان يخوض صراعا سياسيا او عسكريا وكان من المنتظر والطبيعي ان ينسحب بمجرد ان يؤول اليه الامر ، وانه لم يمارس بعد الصلح أي نشاط معارض وقد تفرغ الحسن لحياته الشخصية وعاش كما قال عنه ابوه بين جَفنة وخِوان كأي فتى من فتيان قريش المنعمين .

ثم يستطرد العلوي قائلا : ان الدفاع عن صلح الحسن من نتائج الايديولوجيا … (6)

ثم يقول : ومعاوية الذي تراجع الحسن امامه كان زعيما عظيما وقد دخل التاريخ كواحد من الاباطرة العظام بجميع المقاييس وفي شتى العصور … (7)

مصادر المستشرقين روايات الاعلام العباسي :

استند الباحثون المستشرقون في تكوين الرؤية السلبية الانفة الذكر عن الحسن(ع) الى رويات اوردتها مصادر تاريخية اسلامية امثال الطبقات الكبرى لابن سعد ت230هـ والاغاني لابي الفرج الاصبهاني (ت) ، والبدء والتاريخ لمحمد بن طاهر المقدسي ت 507هـ .

روى ابن سعد عن وهب بن جرير بن حازم ت 175ه‍ عن ابيه قال اخبرنا عبة عن ابي اسحاق عن معد يكرب ان عليا مر على قوم مجتمعين ورجل يحدثهم فقال من هذا قالوا الحسن فقال طحن ابل لم تعوَّد طحنا . ان لكل قوم صداد وان صدادنا الحسن .(8)

وروى عن علي بن محمد عن سحيم بن حفص الأنصاري (ت170هـ) . عن عيسى بن أبي هارون المزني . قال : تزوج الحسن بن علي حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر . وكان المنذر بن الزبير هويها . فأبلغ الحسن عنها شيئا فطلقها الحسن . فخطبها المنذر فأبت أن تزوجه وقالت : شهرني . فخطبها عاصم بن عمر بن الخطاب فتزوجها فرقي إليه المنذر أيضا شيئا ، فطلقها . ثم خطبها المنذر . فقيل لها : تزوجيه فيعلم الناس أنه كان يَعْضَهُكِ (أي يبهتك) فتزوجته فعلم الناس أنه كذب عليها . فقال الحسن لعاصم بن عمر : انطلق بنا حتى نستأذن المنذر فندخل على حفصة فاستأذناه . فشاور أخاه عبد الله بن الزبير فقال دعهما يدخلان عليها . فدخلا فكانت إلى عاصم أكثر نظرا منها إلى الحسن وكانت إليه أبسط في الحديث . فقال الحسن للمنذر خذ بيدها فأخذ بيدها . وقام الحسن وعاصم فخرجا وكان الحسن(ع) يهواها وإنما طلقها لما رقا إليه المنذر . فقال الحسن يوما لابن أبي عتيق وهو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن وحفصة عمته هل لك في العقيق ؟ قال : نعم . فخرجا فمرا على منزل حفصة . فدخل إليها الحسن فتحدثا طويلا ثم خرج . ثم قال أيضا بعد ذلك بأيام لابن أبي عتيق : هل لك في العقيق ؟ قال : نعم . فخرجا فمرا بمنزل حفصة . فدخل الحسن فتحدثا طويلا . ثم خرج ثم قال الحسن مرة أخرى لابن أبي عتيق : هل لك في العقيق ؟ فقال : يا ابن أم ألا تقول هل لك في حفصة ؟ . (9)

وروى عن يحيى بن حماد قال اخبرنا أبوعوانة (176هـ) (10) عن سليمان عن حبيب بن ابي ثابت عن ابي ادريس عن المسيب بن نجبة قال سمعت عليا يقول الا احدثكم عني وعن أهل بيتي ؟ اما عبد الله بن جعفر فصاحب لهو ، واما الحسن بن علي فصاحب جفنة وخوان فتى من فتيان قريش لوقد التقتا حلقتا البطان لم يغن في الحرب عنكم شيئا ، واما انا وحسين فنحن منكم وانتم منا . (11)

وروى عن محمد بن عبد الله الاسدي (203هـ) قال حدثنا اسرائيل(160هـ) (12)عن ابي اسحاق عن هبيرة بن يريم قال قيل لعلي هذا الحسن بن علي في المسجد يحدث الناس فقال طحن ابل لم تعوَّد طحنا ، وما طحن ابل يومئذ . (13)

وروى ابو الفرج الاصفهاني عن احمد عن عمر بن شبة عن المدائني عن قيس بن الربيع (168هـ) (14)عن الاجلح عن الشعبي عن جندب : ان الحسن قال لابيه حين طلب ان يجلد الوليد بن عقبة : مالك ولهذا ؟ … (15)

وروى عن عمر بن شبة وسعيد بن محمد المخزومي كلاهما عن محمد بن حاتم عن اسماعيل بن ابراهيم بن علية البصري (193هـ) عن سعيد بن عروبة البصري عن عبد الله بن الداناج عن حضين بن المنذر ابي ساسان قال : لما جيء بالوليد بن عقبة الى عثمان بن عفان وقد شهدوا عليه بشرب الخمر قال لعلي دونك ابن عمك فاقم عليه الحد فأوعز علي إلى إبنه الحسن أنْ يقوم بجلد الوليد ، فرفض الحسن وقال له : مالك ولهذا ؟ فقال له علي : بل ضعفت ووهنت وعجزت . (16)

وقال المقدسي في البدء والتاريخ : « أنَّه(ع) كان أرخى ستره على مأتي حرة» . (17)

الروايات الطاعنة في شخصية الحسن(ع) من
وضع العباسيين :

الروايات الانفة الذكر مما وضعه الاعلام العباسي بأمر الخليفة العباسي ابي جعفر الدوانيقي لمواجهة الحسنيين الثائرين ضد العباسيين لتجريدهم من سلاح قوي بيدهم وهو التاريخ المشرق لابيهم الحسن(ع) وجدِّهم علي(ع) انهم يقاتلون ليس لاجل السلطة بل لاجل المحرومين ، قال محمد بن عبد الله بن الحسن في رسالته الى ابي جعفر الدوانيقي (وإنما ادعيتم هذا الامر بنا وخرجتم له بشيعتنا وحظيتم بفضلنا وإن أبانا عليا كان الوصي وكان الامام فكيف ورثتم ولايته وولده أحياء ثم قد علمت أنه لم يطلب هذا الامر أحد له مثل نسبنا وشرفنا وحالنا وشرف آبائنا). (18)

قال علي(ع) «اللّهم إِنّك تعلم أنّه لم يكن الذي كان منّا منافسة في سلطان ، ولا التماس شيء من فضول الحطام ، ولكن لنردّ المعالم من دينك ونظهر الإصلاح في بلادك فيأمن المظلومون من عبادك وتقام المعطّلة من حدودك» . (19)

وقد سلم الحسن(ع) ملك العراق وهو مستقر له كما اعترف خصمه معاوية بان يبقى على حكمه ويبقى هو على الشام فرفض ذلك وعرض عليه الحكم المدني الموحد على الكتاب والسنة لانه يستهدف اداء وظيفته الالهية في فتح الطريق لهداية اهل الشام وامان الناس في العراق وغيره ولما اطلع معاوية على الشروط التي وضعها الحسن وقف عند شرط امان الناس وذكر قيس بن سعد انه لا بد ان يقتله فرفض الحسن ذلك وكان موقفه واضحا ان الشروط ومنها الامان هي صفقة كاملة لاتقبل الحوار ولا التجزئة فهي اما ان تقبل كلها او ترفض كلها والحسن يعلم ان شخصية مثل معاوية طامعة في الدنيا /ولم يدر في خلده يوما ان يحكمه وانما منتهى رغبته حكم الشام/ سوف لن يرفض اطروحة الحسن(ع) وسوف يكون مستعدا لكل شرط ان يشترطه بل هو عالم بها اساسا وقد اضمر في نفسه ان يقبل لمدة ثم يغدر كما غدر ابوه من قبل مع النبي (ص) ، وبذلك استحق الحسن لقب المصلح العظيم في الامة واورث ذريته مجدا الى مجده ابيه علي(ع) وجده النبي (ص) ، ومع هذا المجد فان العباسيين سوف لن يقر لحكمهم قرار ما دام الحسنيون ناهضين بالمعارضة ، فلابد اذن من تشويه تاريخ مجدهم فيما يتعلق بابيهم الحسن المثنى فقد وضعوا رواية انه كان في الطف طفلا وجردوه من شرف القتال بين يدي الحسين حتى ارتث من الجراح واسر واستوهبه اخواله من ابن زياد وعولج وبرئ ، اما فيما يتعلق بالحسن المصلح العظيم فقد اضافوا الى ما وضعه الامويون في حقه زيادات لم تخطر على بال الامويين . .

ومن اهم الشواهد على انها وضعت بامر العباسيين موقف العباسيين انفسهم قول المنصور بعد ان سجن عبد الله بن الحسن واخوته :

(فقام فيها علي بن أبي طالب(ع) فما أفلح ، وحكَّم الحكمين ، فاختلفت عليه الأمّة وافترقت الكلمة ، ثمَّ وثب عليه شيعته وأنصاره وثقاته فقتلوه .

ثمَّ قام بعدَهُ الحسن بن علي(ع) ، فوالله ما كان برجل ، عرضت عليه الأموال فقبلها ، ودسَّ إليه معاوية إنِّي أجعلك ولي عهدي ، فخلع نفسه وانسلخ له ممَّا كان فيه ، وسلَّمه إليه وأقبل على النساء يتزوج اليوم واحدة ويطلق غداً أخرى ، فلم يزل كذلك حتّى مات على فراشه) . (20)

ومن الشواهد ايضا شعر مروان بن ابي حفصة ت 182هـ : كان يتقرب الى الخليفة هارون بهجاء العلويين . انشد قصيدة يمدح بها الرشيد ويذكر فيها ولد فاطمة(عليها السلام) ويذمهم وقد بالغ حين ذم علياً(ع) ونال منه وأولها :

علىٌّ أبوكم كان أفضلَ منكم اباه(21)

ذوو الشورى وكانوا ذوي الفضل

ساء رسولَ الله إذْ ساء بنتَه

بخطبته بنتَ اللعين أبي جهل

فذمَّ رسول الله صهرَ أبيكمُ

على منبر بالمنطق الصادع الفضل

وحكَّمَ فيها حاكمين أبوكمُ

هما خلعاه خلع ذي النعل للنعل

وخلَّيتموها وهي في غير أهلها

فقد أُبطلت دعواكمُ الرثة الحبلِ

وقد باعها من بعده الحسن ابنه

وطالبتموها حين صارت إلى أهل(22)

شخصية الامام الحسن(ع) في الروايات الصحيحة :

وفي قبال الروايات الموضوعة التي شوهت من سيرة الحسن(ع) هناك روايات صحيحة عرفت بعظيم شخصيته وكريم صفاته واولها رواية حفيده الامام الصادق(ع) عن ابيه عن جده علي بن الحسين(ع) .

روى الشيخ الصدوق عن المفضل بن عمر قال قال الامام الصادق (ت148هـ) حدثني أبي عن أبيه(عليهما السلام) أن الحسن بن علي بن أبي طالب(عليهم السلام) :

كان أعبد الناس في زمانه ، وأزهدهم وأفضلهم ،

وكان إذا حج حج ماشيا ، وربما مشى حافيا ،

وكان إذا ذكر الموت بكى ، وإذا ذكر القبر بكى ، وإذا ذكر البعث والنشور بكى ، وإذا ذكر الممر على الصراط بكى ، وإذا ذكر العرض على الله تعالى ذكره شهق شهقة يغشى عليه منها .

وكان إذا قام في صلاته ترتعد فرائصه بين يدي ربه عز وجل ،

وكان إذا ذكر الجنة والنار اضطرب اضطراب السليم ، ويسأل الله تعالى الجنة ، ويعوذ به من النار ،

وكان لا يقرأ من كتاب الله عز وجل : (يا أيها الذين آمنوا) إلا قال : لبيك اللهم لبيك ، ولم ير في شيء من أحواله إلا ذاكرا لله سبحانه ،

وكان أصدق الناس لهجة ، وأفصحهم منطقا . (23)

وقال ابن عساكر عن عبد الله بن العباس قال : ما ندمت على شيء فاتني في شبابي إلا أني لم أحج ماشيا ، ولقد حج الحسن بن علي خمسا وعشرين حجة ماشيا وإن النجائب لتقاد معه . (24)

قال واصل بن عطاء : كان الحسن بن علي عليه سيماء الانبياء وبهاء الملوك . (25)

عن ابن عون عن عمير بن إسحاق قال ما تكلم عندي أحد كان احب الي إذا تكلم أن لا يسكت من الحسن بن علي وما سمعت منه كلمة فحش قط إلا مرة فإنه كان بين حسين بن علي وعمروبن عثمان بن عفان خصومة في ارض فعرض حسين امرا لهم لم يرضه عمرو فقال الحسن(ع) فليس له عندنا إلا ما رغم انفه قال فهذا اشد كلمة فحش سمعتها منه قط . (26)

قال الواقدي : عن ثعلبة بن ابي مالك : شهدت الحسن(ع) يوم مات ودفن بالبقيع فلقد رأيت البقيع ولو طرحت فيه ابرة ما وقعت الى على راس انسان . (27)

وروى ابن عساكر ايضا قال : بكى على الحسن بن علي(ع) بمكة والمدينة سبعا، النساء والصبيان والرجال . (28)

وفي الطبقات الكبرى : عن أبي جعفر قال : مكث الناس يبكون على حسن بن علي(ع) سبعا ما تقوم الاسواق . (29)

وعن عبد الله بن عروة بن الزبير قال : رأيت عبد الله بن الزبير قعد إلى الحسن بن علي(ع) في غداة من الشتاء باردة ، قال : فوالله ما قام حتى تفسخ جبينه عرقا ! . قال : فغاظني ذلك فقمت إليه فقلت : يا عم . قال : ما تشاء ؟ قلت : رأيتك قعدت إلى الحسن بن علي فما قمت من عنده حتى تفسخ جبينك عرقا ! قال : يا ابن أخي انه ابن فاطمة لا والله ما قامت النساء عن مثله . (30)

وفيه يقول النجاشي الشاعر وكان من شيعة علي ، يرثيه عند وفاته :

لم يُسْبَلِ السترُ على مثله

في الأرض من حافٍ ومن ناعل(31)

وقيل للحسن : فيك عظمة ، فقال(ع) : بل فيَّ عزة قال الله : «ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين» .(32)

قال محمد بن اسحاق : ما بلغ احد من الشرف بعد رسول الله (ص) ما بلغ الحسن بن علي . كان يبسط له على باب داره فاذا خرج وجلس انقطع الطريق فما يمر احد من خلق الله الا جلس اجلالا له فاذا علم قام ودخل بيته فيمر الناس . ونزل عن راحلته في طريق مكة فمشى فما من خلق الله احد الا نزل ومشى حتى سعد بن ابي وقاص فقد نزل ومشى الى جنبه . (33)

وقال معاوية لعبد الله بن الزبير سنة 44 حين زار المدينة الا ترى الحسن زارني مرة واحدة … قال ان مع الحسن مائة الف سيف لوشاء ضربك بها .

قال محمد بن سعد : أخبرنا علي بن محمد ، عن محمد بن عمر العبدي ، عن أبي سعيد : إن معاوية قال لرجل من أهل المدينة من قريش : أخبرني عن الحسن بن علي . قال : يا أمير المؤمنين ، إذا صلى الغداة جلس في مصلاه حتى تطلع الشمس ، ثم يساند ظهره فلا يبقى في مسجد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – رجل له شرف إلا أتاه فيتحدثون . حتى إذا ارتفع النهار صلى ركعتين ، ثم نهض فيأتي أمهات المؤمنين فيسلم عليهن فربما أتحفنه . ثم ينصرف إلى منزله ثم يروح فيصنع مثل ذلك . فقال : ما نحن معه في شيء . (34)

اقول :

يتضح من هذه الروايات أي جناية جناها فنسنك وزملاؤه مؤلفوا (ECYCLOPEDIA OF ISLAM) (الموسوعة الاسلامية) التي صدرت باللغة الانكليزية والفرنسية والالمانية حين قدموا الامام الحسن(ع) الى العالم انه رجل شهوات وملذات في قبال ما تعرضه الروايات الصحيحة انه شخصية رائدة عبادةً وسلوكاً ومكانةً في الدين وانه بلغ في الشرف ما لم يبلغه احد بعد رسول الله (ص) وانه كسر الطوق الاعلامي الاموي الذي اوجده معاوية ضد نهضة علي(ع)الاحيائية للسنة .

 

الفصل الثاني

القراءة السائدة للصلح والاشكاليات عليها

 

يكاد يجمع الباحثون الشيعة في تعليلهم لصلح الامام الحسن(ع) وتسليمه الامر لمعاوية انه انطلق من واقع منهار للكوفيين وعدم قدرتهم على الاحتفاظ بالدولة التي انشأها في قبال معاوية بل عدم القدرة على توفير الامان للحسن نفسه(ع) ففي رواية مشكوك في صحتها تذكر انه قد تعرض لمحاولة اغتيال جرح فيها جرحا بليغا ونهب متاعه . ومن ثم كاتب معاوية في الصلح ليحقق الامان له ولشيعته وليفضح معاوية .

الروايات التي استندت اليها الرؤية السائدة

وقد اعتمدوا في هذا التحليل على روايات في مصادر التاريخ منها رواية ابن سعد عن يونس بن ابي اسحاق ت 159هـ قال : (شد الناس على حجرة الحسن فانتهبوها حتى انتهبت بسطه وجواريه وأخذوا رداءه من ظهره وطعنه رجل من بني أسد يقال له بن اقيصر بخنجر مسموم في إليته فتحول من مكانه الذي انتهب فيه متاعه ونزل الأبيض قصر كسرى . وقال عليكم لعنة من أهل قرية (يريد اهل الكوفة) فقد علمت أن لا خير فيكم قتلتم أبي بالأمس واليوم تفعلون بي هذا . ثم دعا عمروبن سلمة الارحبي فأرسله وكتب معه إلى معاوية بن أبي سفيان يسأله الصلح ويسلم له الأمر … ) . (35)

ومنها رواية زياد بن عبد الله ، عن عوانة بن الحكم : بايع أهل العراق الحسن بن علي فسار حتى نزل المدائن ، وبعث قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري على المقدمات ، وهم اثنا عشر ألفا ، وكانوا يسمون شرطة الخميس ، قال : فبينا الحسن بالمدائن ، إذ نادى مناد في عسكر الحسن : ألا إن قيس بن سعد بن عبادة قد قتل ، فانتهب الناس سرادق الحسن حتى نازعوه بساطا تحته ، ووثب على الحسن رجل من الخوارج من بني أسد ، فطعنه بالخنجر ، ووثب الناس على الأسدي فقتلوه ، ثم خرج الحسن حتى نزل القصر الأبيض بالمدائن ، وكتب إلى معاوية في الصلح . قال : ثم قام الحسن – فيما بلغني – الناس ، فقال : يا أهل العراق إنه سخى بنفسي عنكم ثلاث : في قتلكم أبي ، وطعنكم إياي ، وانتهابكم متاعي . (36)

ومنها رواية ابن الاثير قال : قيل للحسن(ع) ما حملك على ما فعلت ؟ فقال : كرهتُ الدنيا ، ورأيت اهل الكوفة قوما لا يثق بهم احد ابدا الا غُلِب ، ليس احد منهم يوافق اخر في رأي ولا هوى ، مختلفين لا نية لهم في خير ولا شر(37) ، . (38)

ومنها رواية احمد بن علي الطبرسي نسبت الى الحسن قوله : أرى والله ان معاوية خير لي من هؤلاء . يزعمون أنهم لي شيعة ابتغوا قتلي وانتهبوا ثقلي وأخذوا مالي ، والله لان آخذ من معاوية عهدا أحقن به دمي وآمن به في أهلي خيرا من أن يقتلوني فيضيع أهل بيتي واهلي والله لوقاتلت معاوية لأخذوا بعنقي حتى يدفعوني اليه سلما والله لأن أسالمه وأنا عزيز خير من أن يقتلني وأنا أسير أو يمن علي فتكون سبة على بني هاشم الى آخر الدهر ، ولمعاوية لا يزال يمن بها وعقبه على الحي منا والميت . (39)

رواية ابي الفرج في مقاتل الطالبيين : كما اجمععوا على ان معاوية اعلن عن نقضه للشروط لما دخل الكوفة سنة 41هـ واخذ البيعة من اهلها والحسن بينهم .

قال العلامة المصلح السيد عبد الحسين شرف الدين اعلى الله مقامه : فلما تمت البيعة لمعاوية في الكوفة خطب فذكر عليا فنال منه ، ونال من الحسن ، فقام الحسين ليرد عليه ، فقال له الحسن : على رسلك يا أخي . ثم قام عليه السلام فقال : أيها الذاكر عليا ! أنا الحسن وأبي علي ، وأنت معاوية وأبوك صخر ، وأمي فاطمة وأمك هند ، وجدي رسول الله وجدك عتبة ، وجدتي خديجة وجدتك فتيلة ، فلعن الله أخملنا ذكرا ، وألأمنا حسبا ، وشرنا قديما ، وأقدمنا كفرا ونفاقا ! فقالت طوائف من أهل المسجد : آمين . ثم تتابعت سياسة معاوية ، تتفجر بكل ما يخالف الكتاب والسنة من كل منكر في الاسلام ، قتلا للأبرار ، وهتكا للاعراض ، وسلبا للأموال ، وسجنا للأحرار ، وتشريدا للمصلحين) .

وقد استند القائلون بهذا التحليل الباحثون الشيعة منذ عصر المفيد والى اليوم على روايات ابي الفرج في كتابه مقاتل الطالبيين وهي ثلاث روايات مسندة :

الاولى منها عن ابي عبيد عن الفضل المصري عن عثمان بن ابي شيبة عن ابي معاوية عن الاعمش عن عمرو بن مرة عن سعيد بن سويد انه قال صلى بنا معاوية بالنخيلة الجمعة في الصحن ثم خطبنا فقال . إني والله ما قاتلتكم لتصلوا ولا لتصوموا ولا لتحجوا ولا لتزكوا إنكم لتفعلون ذلك . وإنما قاتلتكم لأتأمر عليكم وقد أعطاني الله ذلك وأنتم كارهون . قال شريك في حديثه : هذا هو التهتك .

الثانية : وحدثني أبو عبيد قال . حدثنا فضل قال حدثنا عبد الرحمن بن شريك . قال حدثنا أبي عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن سعيد بن سويد . مثله .

الثالثة : عن علي بن العباس المقانعي عن جعفر بن محمد بن الحسين الزهري عن حسن بن الحسين (العربي) عن عمرو بن ثابت (ابي المقدام) عن أبي إسحاق (السبيعي) قال . سمعت معاوية بالنخيلة يقول . ألا إن كل شيء أعطيته الحسن بن علي تحت قدمي هاتين لا أفي به ، قال أبو إسحاق . وكان والله غدارا (40) .

اقول وابو اسحاق في هذه الحادثة كان عمره بين 11-12سنة وهو عمر لا يتيح لصاحبه ان يشهد الواقعة ويكون قريبا من معاوية ويسمع ، وعلى الاكثر كان قدر رواها عن عمرو بن مرة عن سعيد بن سويد وسعيد مجهول لم يترجموا له ، وعمرو بن مرة فيه كلام ولعله بسبب ذلك دلس في الرواية وتدليسه معروفا لدى النقاد ا ولعله كان ذلك منه في اخر عمره ، وقد تغير حفظه و غدر معاوية بالحسن مما لاشك فيه فهو معذور في تدليسه .

وهناك سند اخر للرواية يورده ابن عساكر (41) ينتهي به عن عبد الملك بن عمير وفي سند الرواية محمد بن خالد قال عنه ابو حاتم الرازي كان يكذب (42) .

وحصيلة البحث ان الرواية من اخبار الاحاد تنتهي الى سعيد بن سويد وهو مجهول الحال ، وعلى فرض صحة سند الرواية فانها معارضة بروايات اخرى مع واقع تاريخي ثابت يخالفها .

وكذلك استندوا الى رواية أبي الحسن علي بن محمد بن أبي سيف المدايني في كتابه (الاحداث) : قال : كتب معاوية نسخة واحدة إلى عماله بعد عام الجماعة أن برئت الذمة ممن روى شيئا من فضل أبى تراب وأهل بيته فقامت الخطباء في كل كورة وعلى كل منبر يلعنون عليا ويبرأون منه ويقعون فيه وفي أهل بيته وكان أشد الناس بلاء حينئذ أهل الكوفة لكثرة من بها من شيعة علي عليه السلام فاستعمل عليهم زياد بن سمية وضم إليه البصرة فكان يتتبع الشيعة وهو بهم عارف لأنه كان منهم أيام علي عليه السلام فقتلهم تحت كل حجر ومدر وأخافهم وقطع الأيدي والأرجل وسمل العيون وصلبهم على جذوع النخل وطرفهم وشردهم عن العراق فلم يبق بها معروف منهم … فلم يزل الامر كذلك حتى مات الحسن بن علي عليه السلام فازداد البلاء والفتنة فلم يبق أحد من هذا القبيل الا وهو خائف على دمه أو طريد في الأرض . ثم تفاقم الامر بعد قتل الحسين عليه السلام وولى عبد الملك بن مروان فاشتد على الشيعة وولى عليهم الحجاج بن يوسف) . (43)

ومنذ عهد العلامة المحقق الشيخ راضي ال ياسين في كتابه صلح الامام الحسن ، والعلامة المصلح السيد عبدالحسين شرف الدين في تقديمه له سادت فكرة تحليلية حول الصلح مفادها : ان الامام الحسن(ع) بصلحه وشروطه /مع علمه ان معاوية سوف لايفي بواحدة منها / استهدف فضحه امام المسلمين والحفاظ على الثلة الطيبة من شيعة علي .

وقد اخذت صيغتها التامة على يد المرجع الراحل الشهيد محمد باقر الصدر رحمه الله قال : (أصيب المجتمع الإسلامي إبان إمامة الحسن عليه السلام بمرض(الشك في القيادة) وهذا الداء ظهر في أواخر حياة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام . إذ واجه أيام خلافته عدة حروب ذهب ضحيتها عشرات الآلاف من أبناء الأمة ، فأخذ الناس يشكون هل أن المعارك التي تخاض معارك رسالية أم أنها معارك قبلية أو شخصية ؟ وقد عبر أمير المؤمنين عليه السلام عن ظهور هذا الداء الاجتماعي في عدة مرات منها في خطبته المعروفة بخطبة الجهاد التي ألقاها على جنوده المنهزمين في مدينة الأنبار حيث قال لهم والألم يعصر قلبه : (ألا وأني قد دعوتكم إلى قتال هؤلاء القوم ليلا ونهارا ، وسرا وعلانا ، وقلت لكم أغزوهم قبل أن يغزوكم ، فوالله ما غزي قوم في عقر دارهم إلا ذلوا ، فتواكلتم وتخاذلتم حتى شنت الغارات عليكم ، وملكت عليكم الأوطان) . واستفحل (الداء) واشتد في حياة الإمام الحسن عليه السلام ، فلم يكن باستطاعته في مثل هذه الظروف والمجتمع المصاب بهذا الداء أن يخوض معركة مصيرية تنتهي بالنصر على خصمه المتربص به ، فإذا أضفنا إلى هذا شخصية الخصم معاوية الذي كان بإمكانه أن يبدو أمام الناس بمظهر الحاكم الملتزم بالدين وكذلك تعدد انتماءات المقاتلين مع الإمام الحسن عليه السلام حتى أبدى بعضهم استعداده لمعاوية أن يسلم له الإمام عليه السلام حيا ، وطعنه بعضهم طعنة غادرة ، إذا جمعنا هذا وغيره من الظروف عرفنا لماذا صالح الإمام الحسن عليه السلام معاوية) . (44) انتهى كلام الشهيد الصدر (رح) .

الاشكاليات امام القراءة السائدة

يرد على القراءة السائدة للصلح ان الروايات التي اعتمدت عليها معارضة بروايات اخرى ولكن الباحثين اغفلوها عند التحليل ،

1 . ففي قبال ما رواه ابن الاثير واعتمده الباحثون في التحليل ان الحسن قال : رأيت اهل الكوفة قوما لا يثق بهم احد ابدا الا غُلِب ، مختلفين لا نية لهم في خير ولا شر) ونظيراتها . توجد روايات تعطي رؤية اخرى عن اهل الكوفة :

منها : ما رواه هشام بن محمد بن السائب الكلبي قال : أخبرني أبي وعوانة بن الحكم والشرقي بن القطامي قالوا : لما قدم معاوية المدينة أتاه وجوه الناس ، ودخل عليه عبد الله بن الزبير ، فقال له معاوية : ألا تعجب للحسن بن علي ، أنه لم يدخل علي (وفي رواية : ألا تعجب من الحسن وتثاقله عنّي ؟ ) منذ قدمت المدينة ، وأنا بها منذ ثلاث ، قال : يا أمير المؤمنين ! دع عنك حسنا فإن مثلك ومثله كما قال ‹ الشماخ › :

أجامل أقواما حياء وقد أرى

صدورهم تغلي علي مراضها

والله لو شاء الحسن أن يضربك بمئة ألف سيف لفعل ، ولأهل العراق أبر (وفي رواية ارأف وفي اخرى ارأم) به من أم الحُوار بحُوارها . قال معاوية : أردت أن تغريني به ، واللَّه لأصلنّ رحمه ولأقبلنّ عليه . (45)

وفي رواية المدائني قال ، قال معاوية لابن الزبير : ألا تعجب من الحسن وتثاقله عنّي ؟ فقال ابن الزبير : مثلك ومثل الحسن كما قال الشاعر :

أجامل أقواما حياء وقد أرى قلوبهم

تأرى (وفي رواية تغلي) عليّ مِراضها(46)

فقال معاوية : والله ما جامل ولقد أعلن ، قال : بلى والله لقد جامل ، ولو شاء أن يطلق عليك عقال حرب زبون لفعل(47) ،

فقال : أراك يا ابن الزبير تجول في ضلالتك . (48)

اقول :

وقول ابن الزبير (ولأهل العراق أبر (وفي رواية ارأف وفي اخرى ارأم) به من أم الحُوار بحوارها) .

يشهد له قول الحسن حين خرج من الكوفة الى المدينة إذ تمثل بقول الشاعر :

وما عن قِلى فارقتُ دارَ معاشري

هم المانعون حوزتي وذماري

ويشهد له ايضا قول معاوية للزرقاء بنت عدي وقد استضافها وحاورها (والله لوفاؤكم له بعد موته أعجب من حبكم له في حياته ! ) . (49)

2 . وفي قبال الجزء الاخر من رواية ابن الاثير و هو قوله (مختلفين لا نية لهم في خير ولا شر) توجد روايات معارضة لها منها :

مارواه البلاذري عن عوانة : أن عليا(عليه السلام) كتب إلى قيس ابن سعد بن عبادة وهو عامله على آذربيجان : «أما بعد فاستعمل على عملك عبيد الله بن شبيل الأحمسي وأقبل فإنه قد اجتمع ملأ المسلمين وحسنت طاعتهم ، وانقادت لي جماعتهم ولا يكن لك عرجة ولا لبث ، فإنا جادّون معدّون ، ونحن شاخصون إلى المحلين ، ولم أؤخر المسير إلا انتظارا لقدومك علينا إن شاء الله والسلام .

وعن قال عوانة : قال عمرو بن العاص – حين بلغه ما عليه عليّ من الشخوص إلى الشام وأن أهل الكوفة قد انقادوا له :

لا تحسبني يا عليّ غافلا

لأوردن الكوفة القبائلا

ستين ألفا فارسا وراجلا

فقال : عليّ :

لأبلغن العاصي بن العاصي

ستين ألفا عاقدي النواصي

مستحقبين حلق الدلاص(50)

ويشهد له ايضا : ما رواه سليم قال : (ولم يبق أحد من القراء ممن كان يشك في الماضين ويكف عنهم ويدع البراءة منهم ورعا وتأثما إلا استيقن واستبصر وحسن رأيه وترك الشك يومئذ والوقوف وكثرت الشيعة(51) بعد ذلك المجلس من ذلك اليوم وتكلموا ، وقد كانوا أقل أهل عسكره وسائر الناس يقاتلون معه على غير علم بمكانه من الله ورسوله(52) ، وصارت الشيعة بعد ذلك المجلس أجل الناس وأعظمهم) . (53)

قال ابن حجر : وأخرج الطبري بسند صحيح عن يونس بن يزيد عن الزهري قال جعل علي على مقدمة أهل العراق قيس بن سعد بن عبادة وكانوا أربعين ألفا بايعوه على الموت فقتل علي فبايعوا الحسن بن علي بالخلافة . (54)

3 . وفي قبال ما رواه ابو الفرج الاصفهاني باسناده الى ابي اسحاق ت 127هـ وهي المشهورة عن الباحثين الشيعة (55) ، ان معاوية بالنخيلة . ألا إن كل شئ أعطيته الحسن بن علي تحت قدمي هاتين لا أفي به .

توجد روايات اخرى تفيد ان نقض الشروط لم يكن في حياة الامام الحسن بل كان بعد وفاة الحسن(ع) .

فقد روى ابن عبد ربه وابن كثير قالا : قدم معاوية المدينة اول حجة حجها (سنة 44هجرية) بعد عام الصلح ، فتوجه الى دار عثمان ، فلما دنا الى باب الدار . صاحت عائشة بنت عثمان وندبت اباها .

فقال لها : يا بنت اخي ان الناس قد اعطونا سلطاننا ، فاظهرنا لهم حلما تحته غضب ، واظهروا لنا طاعة تحتها حقد ، فبعناهم هذا بهذا وباعونا هذا بهذا ، فان اعطيناهم غير ما اشتروا منا شحوا علينا بحقنا وغمطناهم بحقهم ،

ومع كل انسان منهم شيعته وهو يرى مكان شيعته ، فان نكثناهم نكثوا بنا ثم لا ندري اتكون لنا الدائرة ام علينا ؟

وان تكوني ابنة عم امير المؤمنين خير من ان تكوني امرأة من عُرُض الناس . (وفي رواية ابن كثير : وان تكوني ابنة عثمان امير المؤمنين احب الي ان تكوني امة من اماء المسلمين ونعم الخلف انا لك بعد ابيك . (56)

وفي ضوء هذه الرواية فان معاوية الى سنة 44هجرية لم يكن قد غدر بشروطه لمكان الحسن(ع) وشيعته وللتكتيك الذي تقيَّد به معاوية .

ويشهد لذلك ايضا :

ما رواه البلاذري قال حدثني أبو مسعود ، عن ابن عون عن أبيه قال : لمّا ادّعى معاوية زيادا وولَّاه ، طلب زياد رجلا كان دخل في صلح الحسن وأمانه ، فكتب الحسن فيه إلى زياد ، ولم ينسبه إلى أب فكتب إليه زياد : أما بعد فقد أتاني كتابك في فاسق تؤوي مثله الفسّاق من شيعتك وشيعة أبيك ! فأيم الله لأطلبنّه ولو بين جلدك ولحمك ، فإن أحبّ لحم إليّ أن آكله للحم أنت منه ! فلما قرأ الحسن الكتاب قال : كفر زياد ، وبعث بالكتاب إلى معاوية ، فلما قرأه غضب فكتب إليه : أما بعد يا زياد ، فإن لك رأيين : رأي من أبي سفيان ، ورأي من سميّة ، فأمّا رأيك من أبي سفيان فحزم وحلم ، وأما رأيك من سميّة فما يشبهها فلا تعرض لصاحب الحسن ، فإني لم أجعل لك عليه سبيلا ، وليس الحسن مما يرمى به الرجوان وقد عجبت من تركك نسبته إلى أبيه أو إلى أمّه فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فالآن حين اخترت له والسلام .(57)

وبرواية الجاحظ وهي اكثر دقة ، قال : حدثني سليمان بن أحمد الخرشي قال حدثني عبد الله بن محمد بن حبيب قال طلب زياد رجلا كان في الأمان الذي سأله الحسن بن علي لأصحابه فكتب فيه الحسن رضي الله تعالى عنه إلى زياد من الحسن بن علي إلى زياد أما بعد فقد علمت ما كنا أخذنا لأصحابنا وقد ذكر لي فلان أنك عرضت له فأحب ان لا تعرض له إلا بخير

فلما أتاه الكتاب ولم ينسب الحسن إلى أبي سفيان غضب فكتب من زياد بن أبي سفيان إلى الحسن أما بعد أتاني كتابك في فاسق يؤويه الفساق من شيعتك وشيعة أبيك وأيم الله لأطلبنهم ولو بين جلدك ولحمك وان أحب لحم إلي آكله للحم أنت منه ، فلما وصل الكتاب الحسن وجه به إلى معاوية فلما قرأه معاوية غضب وكتب من معاوية بن أبي سفيان إلى زياد بن أبي سفيان أما بعد فان لك رأيين رأيا من أبي سفيان ورأيا من سمية فأما رأيك من أبي سفيان فحلم وحزم وأما رأيك من سمية فكما يكون رأي مثلها وقد كتب إلي الحسن بن علي انك عرضت لصاحبه فلا تعرض له فاني لم أجعل لك إليه سبيلا وان الحسن ابن علي ممن لا يرمي به الرجوان والعجب من كتابك إليه لا تنسبه إلى أبيه أفإلى أمه وكلته وهو ابن فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم فالآن حين اخترت له والسلام (58) .

ويشهد لذلك ايضا :

مارواه ابن عبد ربه قال : لما مات الحسنُ بن عليّ حَجّ معاوية ، فدخل المدينة وأراد أن يَلْعن عليَّا على مِنبر رسول الله صلى عليه وسلم . فقيل له : إن هاهنا سعدَ بن أبي وقاص ، ولا نراه يرضى بهذا ، فابعث إليه وخُذ رأيه . فأرسل إليه وذكر له ذلك . فقال : إن فعلت لأخرُجن من المسجد ، ثم لا أعود إليه . فأمسك معاوية عن لعنه حتى مات سعد . (59) فلما مات لَعنه عَلَى المنبر ، وكتب إلى عماله أن يَلعنوه على المنابر ، ففعلوا .

ومن المعلوم ان وفاة سعد كانت بعد وفاة الامام الحسن(ع) وفي السنة نفسها سنة 51هـ .

ويشهد لذلك ايضا واقع تاريخي ثابت وهو استضافة معاوية لعدد من الشخصيات العراقية من الرجال والنساء وسؤاله لهم عن سيرة علي(ع) وترحمه عليه مرات عديدة فان هذا الواقع وهو ثابت لا ينسجم مع ما ادعته روايات ابي الفرج من ان معاوية اعلن عن نقض الشروط في النخيلة او عند دخوله الكوفة .

تحريف في رواية المدائني

ان المدائني لم يكن معنيا في روايته ان يشخص بدقة وقت نقض الشروط بل ذكرها على الاجمال ان ذلك كان بعد عام الجماعة اما متى فلم يكن معنيا به قال :

(كتب معاوية نسخة واحدة إلى عماله بعد عام الجماعة أن برئت الذمة ممن روى شيئا من فضل أبى تراب وأهل بيته فقامت الخطباء في كل كورة وعلى كل منبر يلعنون عليا ويبرأون منه ويقعون فيه وفي أهل بيته) .

ولكنه يشير ان ملاحقة الشيعة قد اشتدت حينما استعمل زيادا على الكوفة قال (وكان أشد الناس بلاء حينئذ أهل الكوفة لكثرة من بها من شيعة علي عليه السلام فاستعمل عليهم زياد بن سمية وضم إليه البصرة فكان يتتبع الشيعة وهو بهم عارف لأنه كان منهم أيام علي عليه السلام فقتلهم تحت كل حجر ومدر وأخافهم وقطع الأيدي والأرجل وسمل العيون وصلبهم على جذوع النخل وطرفهم وشردهم عن العراق فلم يبق بها معروف منهم … فلم يزل الامر كذلك حتى مات الحسن بن علي عليه السلام فازداد البلاء والفتنة فلم يبق أحد من هذا القبيل الا وهو خائف على دمه أو طريد في الأرض) .

اقول : قوله (فلم يزل الامر كذلك حتى مات الحسن بن علي عليه السلام فازداد البلاء والفتنة) في هذا المكان تحريف للرواية وذلك فان زيادا كان معاوية قد ولاه معاوية الكوفة بعد وفاة المغيرة بن شعبة في شعبان سنة 50هـ-51هـ . وقد توفي الحسن في صفر وفي رواية في ربيع الاول سنة 50ـ51 هـ أي قبل وفاة المغيرة بن شعبة .

ومما يؤكد ان الغدر بالشروط واهمها الامان ولعن علي قد تم بعد وفاة الامام الحسن أي سنة 50-51هـ اننا حين تتبعنا تاريخ من قتلهم زياد بامر معاوية او دفنهم احياء اونفاهم او شردهم من شيعة علي في الكوفة كحجر واصحابه وعبد الرحمن بن حسان الذي دفنه حيا ، وعمرو بن الحمق الخزاعي وزوجته امنة بنت الشريد وصعصعة بن صوحان وتسيير خمسين الف من الكوفة والبصرة بعيالاتهم وجدنا ذلك كله بعد وفاة الحسن(ع) أي في سنة 51هـ وهو اكتشاف تاريخي لم يسبق ان انتبه اليه الباحثون .

دقة رواية سليم بن قيس مع سريان تحريف المدائني اليها :

وفي ضوء ذلك فان رواية سليم بن قيس لقضية كتابة معاوية الى عماله نسخة (60) في نهيهم لذكر فضائل علي تكون اكثر دقة على انها لم تسلم من التحريف التي اصاب رواية المدائني ، فان سليم يذكر ان معاوية كتب كتابه الى عماله وهو في المدينة ولا يمكن ان يكون قد كتبه في سنة 44هجرية لما ذكرناه انفا من جوابه لعائشة بنت عثمان لما تلقته وهي تندب اباها ، بل كتبه لما زار المدينة بعد رجوعه من الحج سنة 50ـ51هـ .

قال سليم : وكان معاوية يومئذ بالمدينة ، فعند ذلك نادى مناديه وكتب بذلك نسخة إلى جميع البلدان إلى عماله(61) : (ألا برئت الذمة ممن روى حديثا في مناقب علي بن أبي طالب أو فضائل أهل بيته وقد أحل بنفسه العقوبة … ثم إن معاوية مر بحلقة من قريش ، فلما رأوه قاموا له غير عبد الله بن عباس . فقال له : يا بن عباس ، فإنا قد كتبنا في الآفاق ننهى عن ذكر مناقب علي وأهل بيته ، فكف لسانك – يا بن عباس – وأربع على نفسك . وإن كنت لا بد فاعلا فليكن ذلك سرا ولا يسمعه أحد منك علانية . ثم اشتد البلاء بالأمصار كلها على شيعة علي وأهل بيته عليهم السلام ، وكان أشد الناس بلية أهل الكوفة لكثرة من بها من الشيعة . واستعمل عليهم زيادا أخاه(62)وضم إليه البصرة والكوفة وجميع العراقين . فلما مات الحسن بن علي عليه السلام لم يزل الفتنة والبلاء يعظمان ويشتدان .. ) . (63)

والتحريف الذي اصابها هو الجملة الاخيرة وهي قوله (فلما مات الحسن بن علي عليه السلام لم يزل الفتنة والبلاء يعظمان ويشتدان) ، فان موضعها الطبيعي هو قبل كتابة معاوية الى ولاته وليس بعدها وهو التحريف نفسه الذي اصاب رواية المدائني .

وفي ضوء ذلك كله ينهار التحليل السائد المبني على تفرق الكوفيين وان معاوية نقض شروطه سنة 41هجرية ، ونحتاج الى تحليل اخر يفسر لنا تاخر ملاحقة معاوية للشيعة عشر سنوات مع شدة غضبه وحقده ، تحليل مبني على اجتماع الكوفيين حول علي(ع) في اخر عهده بعد النهروان ثم بيعتهم لولده الحسن(ع) من دون تردد ولا اكراه والتفافهم حوله واستقرار العراق له الامر الذي ادركه معاوية فعرض على الحسن(ع) ان يبقى كل واحد على بلده ، فلماذا إذن يسلم الحسن(ع) ملكا مستقرا له الى معاوية ويشترط عليه شروطا خاصة ؟

وهو ما نبحثه في الفصل التالي بحول الله تعالى :

 

الفصل الثالث

صلح الامام الحسن قراءة جديدة في ضو ء كلام الامام الحسن(ع)

 

روى الشيخ الصدوق في علل الشرائع / 1/211 عن أبي سعيد عقيصا قال :

قلت للحسن بن علي ابن أبي طالب عليهما السلام : يا ابن رسول الله لم داهنت معاوية وصالحته ، ؟ …

قال : يا أبا سعيد : علة مصالحتي لمعاوية علة مصالحة رسول الله (ص) لبني ضمرة وبني أشجع ، ولأهل مكة حين انصرف من الحديبية ، أولئك كفار بالتنزيل ومعاوية وأصحابه كفار بالتأويل).

اقول : معنى ذلك ان السبب الموجب للصلحين واحد ، وهذا يستلزم وحدة الخلفيات التي سبقت الصلح ثم وحدة الظرف الموجب له ثم وحدة الموقف ازاءه ثم وحدة النتائح المترتبة على الموقف وفي الآتي بيانها .

خلفية الصلحين

كان النبي (ص) صاحب مشروع رسالي يستهدف تحرير دين ابراهيم من بدع قريش مما يخالف تنزيه الله تعالى حين عبدت الاصنام ، وتنزيه نبيه ابراهيم والحج الابراهيمي من البدع التي ادخلتها اليه قريش من تحريم الجمع بين العمرة والحج في اشهر الحج وتاخير مقام ابراهيم عن البيت وغيره لتكريس امامتها الدينية التي دانت بها العرب وعملت باحكامها وكذلك تحرير كتاب الله وسيرة انبيائه من تحريفات اليهود والمسيحيين . وحين نهض النبي (ص) بامر الله تعالى وقفت قريش ضده وحاربته وشوهت باعلامها الكاذب سيرته وهدف حركته فامره الله تعالى بالصلح ليفضحها ويهيء اجواء الامان لتنتشر سيرة النبي الصحيحة بين القبائل العربية التي شكلت جيش قريش في معركة الخندق تاثرا باعلامها وتاثر بها من شاء ان يهتدي وهكذا كان الامر ،

و كان علي(ع) صاحب مشروع رسالي يستهدف تحرير دين محمد (ص) من ثقافة اهل الكتاب التي نشرها كعب الاحبار وتميم الداري مما يخالف تنزيه الله وتنزيه الانبياء بامر قريش المسلمة ومن تحريمهم متعة الحج وارجاع مقام ابراهيم الى ما كان عليه في الجاهلية وامضاء التطليقات الثلاث بتطليقة واحدة وابتداع صلاة التراويح وغيرها من البدع التي ابتدعتها بعد وفاة النبي (ص) لتكريس امامتها الدينية التي دان بها مسلمة الفتوح وغيرهم . ولما نهض علي(ع) بوصية من النبي في الوقت المناسب (سنة 27هـ سنة استحكام الانشقاق بين قريش الحاكمة وضعف السلطة الحاكمة) توحدت بقيادة معاوية لحربه وشوهت باعلامها الكاذب سيرته وهدف نهضته فاوصى النبي (ص) ولده الحسن(ع) وهو ولي الامر بعد ابيه علي بالصلح في شروطه الموضوعية وهي ان يطلب معاوية ذلك والنبي يعلم بمستقبل الحوادث وتفاصيلها بعلم الله تعالى لانه نبي) ليفضح معاوية ويهئ اجواء الامان لتنتشر اخبار علي في الشام التي تربى اهلها على لعن علي وحربه جهلا منهم بسيرته وباحاديث النبي (ص) فيه وهكذا كان الامر وانفتحت الشام على اخبار امامة علي(ع) كما انتفتحت القبائل العربية على ادلة نبوة محمد (ص) وقد يقول قائل ولكن اهل الشام لم تؤثر فيهم تلك الاخبار فيقفوا امام انقلاب معاوية بعد موت الحسن نقول له وكذلك القبائل لم يؤثر فيها حديث الغدير بعد وفاة النبي (ص) ولم تقف امام انقلاب قريش على علي(ع) . .

وفي الآتي تفصيل ذلك :

مفردات خلفية صلح النبي (ص) مع قريش

1 . انقلا ب قريش بعد عبد المطلب وتحريفهم دين ابراهيم :

كان عبد المطلب زعيم قريش بلا منازع منزها لله تعالى متقيدا بدين ابراهيم جاءته الزعامة الدينية والسياسية من قصي عن طريق ابويه هاشم وعبد مناف ، ولا يختلف اثنان ان قصيا مؤسس التجمع القرشي حول مكة كان على دين ابراهيم وكان ينتظر النبي الموعود ، وان هاشما قد سنَّ لهذا التجمع رحلة الشتاء والصيف ، وصارت مكة وقريش ذات مكانة دولية مرموقة ، ولايختلف اثنان على ان قصيا كان اعلم قريش بدين ابراهيم ثم توارث العلم اوصياؤه من ابنائه عبد منا ف ثم هاشم ثم عبد المطلب ثم ولده ابو طالب ، والى جانب ذلك تميز عبد المطلب بحفر زمزم التي كانت مطمومة منذ الحرب بين خزاعة وجرهم أي لاكثر من ثلاث قرون خلت ، وقد أُخبر بمكانها في المنام ودعا بني عبد مناف وبقية بطون قريش ان تساعده في حفرها فلم تستجب له احد منهم(64)فانفرد بمكرمة حفرها واحيائها لسقي الحجيج ، وكذلك انفرد دون بطون قريش بمهمة الدفاع عن البيت ومواجهة جيش ابرهة هو وولده وولد عمه المطلب ثم نصره الله على جيش ابرهة وكان يقول :

نحن (آل الله) فيما قد مضى لم يزل ذاك على عهد أبْرَهمْ

نعبدُ الله وفينا سُنَّةٌ

صِلَةُ القربى وإيفاء الذِّمم

لم تزل لله فينا حجةٌ

يدفعُ اللهُ بها عنّا النِّقَمْ(65)

وهكذا ادركت بطون قريش كلها ان زعيمها عبد المطلب قد اصطفاه الله عليهم فهو الاولى بالبيت وبزمزم وبابراهيم وبدينه ومن ثم هو الاول بالله أي هو الاقرب الى الله تعالى وصارت تسميه ابراهيم الثاني ، وصار يلقب هو ولده ب (ال الله) (66) ، وتعلمت منهم شريعة ابراهيم .

حسد بنو عبد شمس وبنو نوفل اولاد عمهم بني هاشم ان ينفردوا بهذا المجد دونهم ثم انتشر الحسد الى بطون قريش الاخرى وقد برز هذا الحسد اول ما بزر بشكل منافرة بين امية وعبد المطلب ثم تطورت اشكاله فيما بعد .

واوصى عبد المطلب الى ابي طالب اعلم اولاده بدين ابراهيم .

ثم انقلبت قريش بعد وفاة عبد المطلب على بني هاشم فادعت ان لقب (ال الله) يعم بطون قريش وليس بني عبد المطلب حسب ، فقد دافع الله تعالى عن قريش لانهم سكان بيته(67) ، وابتدعت قريش بدعة الحمس في دين ابراهيم وادخلت طقوس عبادة الاصنام مع طقوس عبادة الله لتكريس امامتها الدينية وصارت الامامة الابراهيمية وتعليم احكام الحج في كل بيوتات قريش . وهكذا حوصرت امامة وزعامة ابي طالب في دين ابراهيم . وقد اشار ابو طالب في قصيدته اللامية المشهورة الى افتراء قريش في الدين :

اعوذ بالله من كل طاعن

علينا بشرٍّ او ملحِّقِ باطل

من كاشح يسعى لنا بمعيبة

ومن مفتر في الدين ما لم نحاول

وقوله (مفتر في الدين ما لم نحاول) أي مبتدع في دين ابراهيم ما لم نوافقهم عليه ، ويشير قوله تعالى في سورة الجمعة ﴿ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُْمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (2) وَ آخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (3) ﴾ الجمعة/2-3وقوله (في الاميين) أي في اهل مكة ، وقوله (في ضلال مبين) أي عبادة الاصنام وبدعة الحمس ، وقوله (وآخرين منهم) اين من اهل مكة ، وقوله (لما يلحقوا بهم) أي ما شاركوا قومهم في ضلالهم .

2 . هدف البعثة النبوية لتحرير دين ابراهيم من بدع قريش :

وبعث الله نبيه محمداً (ص) سنة 13ق . هـ مؤيدا بالبينات الالهية بدين ابراهيم واسس المجتمع الاسلامي على ولاية الله وولاية رسوله والامامة الدينية والسياسية لعلي بن ابي طالب وولديه الحسن والحسين والتسعة من ذريته ﴿إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ﴾ المائدة/55 ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَْمْرِ مِنْكُمْ﴾ النساء/59 وهدم الامامة الدينية لقريش والامامة الدينية لاهل الكتاب ونسخ التوراة وما الحق بها واستبدلها بالقرآن مصدقا بالذي بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه ﴿وَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ﴾ المائدة/48 .

3 . حروب قريش مع النبي واعلامها الكاذب :

حينما نهض النبي (ص) ليبلغ مشروعه الرسالي وقف ابو طالب وبنو هاشم الى جانبه واستضعفت قريش المشركة بني هاشم ومن امن به وقاطعتهم حتى يسلموا محمدا (ص) .

واعلن ابو طالب نصرته للنبي وايمانه بمستقبلها في قصيدته اللامية المشهورة قائلا :

فأبلغ قصيّاً أنْ سينشر أمرُنا

وبشّر قصيّاً بعدنا بالتخاذل

كذِبتم وبيتِ الله نبزى محمدا

ولما نطاعن دونه ونناضلِ(68)

ونسلمه حتى نصرَّع دونه

ونذهل عن أبنائنا والحلائل

ومنها يفهم ان ابا طالب يعبتر ان رسالة محمد (ص) قد جاءت لتحرير دين ابراهيم من بدع قريش واسلافهم هذا الدين الذي انتهت مواريثه ومهمة الحفاظ عليه الى ابي طالب ولارجاع الامامة الابراهيمية المغتصبة الى اهلها الشرعيين .

ثم قيض الله تعالى اهل المدينة على النصرة وهاجر الى المدينة ، وفرضت قريش المشركة على النبي (ص) حربين ظالمتين ، الاولى في بدر وكان النصر المؤزر له فيها ، الثانية في احد وقد خسر النصر فيها بسبب معصية نفر من اصحابه لامره حين تركوا مواقعهم طمعا في الغنيمة .

طورت قريش في هذين الحربين اعلامها الكاذب الذي بدات به(69) في مواجهة دعوة النبي (ص) عند حلفائها من القبائل فاتهمته بتهمة انتهاك حرمة البيت الحرام والاعتداء على القوافل التجارية الامنة لقريش وسفك الدم الحرام في الشهر الحرام(70) . واستطاعت بقيادة ابي سفيان ان تحشد عشرة الاف مقاتل /الاحزاب /قصدوا المدينة لارعاب اهلها ليتخلوا عن محمد (ص) وصمد اهل المدينة وهزمت الاحزاب شر هزيمة وجعلها الله تعالى للنبي (ص) اية وازدادت ثقة المسلمين به .

4 . قريش تعمل على تحصين القبائل من التاثر بمحمد (ص) بالحرب والاعلام الكاذب :

ليس للنبي ازاء هذا الاعلام القرشي الكاذب الذي شوه مشروعه عند القبائل لصيانتها من التاثر به والانفتاح عليه الا ان يقوم بعمل غير الحرب به يؤدي الى كسر الطوق عنها وعنه وفضح قريش لديها بانها هي المعتدية وان محمدا (ص) يعظم البيت ويطلب السلم وانه نبي قد بعث لاحياء دين ابراهيم وتحرير الحج من بدع قريش .

ولا يوجد الا عمل واحد يحقق له ذلك وهو المبادرة بالعمرة في اشهر الحج هو واصحابه والهدي معهم حيث تتوافد القبائل نحو مكة للحج ،

وللاشهر الحرم دلالة لدى كل العرب هي المسالمة وامان الطرف الاخر من اعتداء المحرم عليه .

وللاحرام دلالة اخرى في ذلك ، وللهدي الذي يسوقه المحرم دلالة اخرى وهي ان هذا المحرم لايحل من احرامه الا عند البيت ، والبيت تحيطه قريش وهذا يعني ان المبادرة تفصح عن نفسها ان محمدا جاء مسالما يطلب الصلح مع قريش .

وهذه المبادرة تحمل في طياتها فضح قريش عند حلفائها واظهار حقانية محمد (ص) اذا رفضت قريش الصلح مع محمد وصدته عن البيت ، واذا قبلت الصلح معه وسمحت له ان يقضي مناسكه عند البيت فهي مفضوحة ايضا لظهور كذبها فيه انه لا يعظم البيت .

5 . صلح الحديبية والفتح المؤقت بظهور كذب قريش وحقانية محمد (ص) لدى حلفاء قريش وغيرهم :

روى الطبري عن ابن إسحاق قال ان قريشا بعثوا إلى النبي (ص) الحُلَيس بن علقمة(71) وكان يومئذ سيد الأحابيش وهو أحد بلحارث بن عبد مناة بن كنانة فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن هذا من قوم يتألهون فابعثوا الهدي في وجهه حتى يراه فلما رأى الهدى يسيل عليه من عرض الوادي في قلائده قد أكل أو باره من طول الحبس رجع إلى قريش ولم يصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إعظاما لما رأى ، فقال يا معشر قريش : إني قد رأيت مالا يحل ، صد الهدي في قلائده قد أكل أوباره من طول الحبس عن محله ، … والله ما على هذا حالفناكم ولا على هذا عاقدناكم أن تصدوا عن بيت الله من جاءه معظما له والذي نفس الحليس بيده لتخلن بين محمد وبين ما جاء له أو لأنفرن بالأحابيش نفرة رجل واحد قال فقالوا له مه كف عنا يا حليس حتى نأخذ لأنفسنا ما نرضى به . (72)

ثم وافقت قريش على الصلح واشترطت متعسفة ان يرجع محمد (ص) تلك السنة ، ووافق (ص) على شروطها التعسفية ، وعرفت القبائل من حلفاء قريش ومن غيرهم لما اختلطوا مع المسلمين انها كانت تكذب على محمد (ص) وانه نبي حق ودعوته حق تدعو كل عاقل الى تصديقه(73) . وازداد عدد المسلمين الى اضعاف /الفتح المبين/ .

قريش المشركة وحلفاؤها ينقضون عهدهم مع النبي (ص) :

نقضت قريش عهودها مع النبي بعد سنتين حين نصرت بني نفاثة ورئيسهم نوفل بن معاوية احد بطون بني بكر من كنانة على خزاعة حليفة النبي في حرب وقعت بينهما بسبب هجاء كناني للنبي امام رحل خزاعي وثارت حمية الخزاعي فكسر يد النفاثي الكناني ، ووقع القتل في نساء خزاعة واطفالهم وضعفاء رجالهم حيث بيتوهم وهم امنون في الوتير موضع اسفل مكة وجاء عمرو بن سالم راس خزاعة الى النبي (ص) يستنصره قائلا :

يا رب إني ناشد محمدا

حلف أبينا وأبيه الأتلدا

قد كنتم ولداً وكنا والدا

ثمت أسلمنا فلم ننزع يدا

إن قريشاً أخلفوك الموعدا

ونقضوا ميثاقك المؤكدا

هم بيّتونا بالوتير هجدا

وقتلونا ركعا وسجدا

وتاثر النبي لذلك جدا ودمعت عيناه ، وبعث ضمرة ليخير قريشا بين ثلاث ان يدوا قتلى خزاعة او يبرأوا من بطن نفاثة الذي قام بالمجزرة او يبنذ اليهم على سواء واختارت قريش الثالثة . (74)

فتح مكة لمشروع النبي الى الابد :

نهض النبي بجيش قوامه عشرة الاف مسلم ودخل مكة فاتحا وحرر بيت ابراهيم من الاصنام ومن بدعة الحمس ليعلن فيها التوحيد والشهادة لمحمد بالرسالة ابد الدهر .

هدم بدعة قريش في الحج واعلان امامة اهل بيته واولهم علي(ع) في الغدير :

وفي السنة العاشرة اعلن النبي عن حجة الوداع هدم فيها بدعة قريش بتحريم الجمع بين العمرة والحج في اشهر الحج حيث شرع حج التمتع الذي يتألف من عمرة وحج بينهما حِل ،

ثم اعلن في رجوعه عند مفترق الطرق عند غدير خم وامام مائة الف بل يزيدون ، اوصى بالتمسك بامامة اهل بيته الدينية وقرنهم بالكتاب ، هذه الامامة التي تنعكس عنها ولايته الحكمية (التنفيذية) لكل المسلمين .

روى الحاكم النيسابوري بسنده عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم قال :

«خرجنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى انتهينا إلى غدير خم عند شجيرات خمس ودوحات عظام فكنس الناس ما تحت الشجيرات ثم استراح رسول الله (صلى الله عليه وآله) عشية فصلى ثم قام خطيبا فحمد الله واثنى عليه ثم قال :

أيها الناس إني تارك فيكم أمرين(75) لن تضلوا ان اتبعتموهما وهما كتاب الله وأهل بيتي عترتي ثم قال أتعلمون أني أولى الناس بالمؤمنين من أنفسهم ثلاث مرات قالوا نعم فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) من كنت مولاه فعلي مولاه … » . (76)

وفي رواية الطبراني بعد قوله عترتي «وان اللطيف الخبير نَبَّأَني انهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض وسألت ذلك لهما ، فلا تَقدَّموهُما فتهلكوا ولا تقصروا عنهما فتهلكوا ، ولا تعلموهم فانهم اعلم منكم» .(77)

تركيبة المجتمع الاسلامي في السنة العاشرة من الهجرة :

كان المجتمع الاسلامي الاسلامي في السنة العاشرة من الهجرة يحتوي على ثلاث فئات من المسلمين :

الاولى : فئة العلماء الربانيين وهؤلاء شعارهم التسليم المطلق والتقيد الحرفي لامر الله ورسوله وهم اهل بيت النبي وعظيمهم علي(ع) .

الثانية : فئة محبي علي الراسخون في العلم مثل مقداد وعمار وسلمان ابي ذر ونظراؤهم وهؤلاء وطنوا انفسهم على حب اهل البيت واخذ معارف الدين عنهم .

الثالثة : فئة قريش المسلمة ومن اخذ بمنهجهم ويحملون شعار حسبنا كتاب الله والاجتهاد في قبال السنة . وهم الذين قُدِّرَ لهم ان يحكموا بعد النبي مدة اربع وعشرين سنة ، ويفتحوا البلاد ويكونوا مجتمع مسلمة الفتوح على اجتهاداتهم واغلب هؤلاء كانوا في جيش اسامة (وخالفوا النبي في قوله جهزوا جيش اسامة ولعنهم حين قال لعن الله من تخلف عن جيش اسامة) .

خلفية صلح الحسن(ع) مع معاوية

1 . انقلاب قريش المسلمة

كان النبي (ص) على قمة هرم المجتمع الاسلامي دينيا وسياسيا وقد ايده الله تعالى ببيناته في حركته التبليغيةوالتاسيسية وهذه حقيقة لا يختلف عليها اثنان .

وقد اعلن النبي منذ بداية المشروع /10ق . هـ /لبني هاشم وبني المطلب فيما عرف بحديث الدار : ان وزيره ووصيه وخليفته فيه هو علي (ع) ، ثم اعلن للمسلمين جميعا /10هـ / الامامة الدينية والسياسية فيما عرف بحديث الغدير في غدير خم /مفرق طرق الحاج من مكة الى المدينة/ امام مائة الف او يزيدون وهم معظم المسلمين الذين استنفرهم للحج معه . وقد امتلأت الفترة الزمنية بين حديث الدار وحديث الغدير وهي مدة عشرين سنة باحاديث في هذه المناسبة او تلك تؤكد ذلك بشكل واخر ،

وقد اقترن ذلك بتربي علي في حجر النبي (ص) منذ ولادته في بيت ابيه يوم كان النبي يعيش هناك بكفالة عمه ، ثم اصطحبه معه في بيته بعمر ست سنوات لما تزوج واستقل عن عمه ثم اصحبه في هذا العمر الى غار حراء يرفع له في كل يوم من اخلاقه علما ، وعندما كلفه الله نبيه بالرسالة كان علي الى جنبه وقد سمع رنة الشيطان وسأل النبي عنها فاجابه انه الشيطان قد يئس من عبادته واخبره انه منه بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعده ،

وكان علي في مكة يكتب عن النبي (ص) القرآن وبهامشه تفسيره وفي المدينة كان بيته مع امه فاطمة بنت اسد بجوار بيت النبي مع ابنته فاطمة ، وله مع النبي لقاءان يوميا احدهما بعد صلاة الفجر والاخر بعد المغرب يواصل فيه املاءه في تفسير القرآن ويضيف اليه املاءه في الاحكام والسيرة والملاحم وقد عرف المسلمون جميعا خبر هذه اللقاءت يوم عقد النبي بعضها مع علي في ايام حصار الطائف وعرفت يومذاك بالمناجاة قال جابر : انتجى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) علياً يوم الطائف فطالت مناجاتُه إيّاه . فقيل له : لقد طالت مناجاتك اليوم عليّاً ؟ فقال : ما أنا ناجيتُه ولكنّ الله انتجاه(78) أي الله تعالى امرني ان انتجيه وليس هو عمل من تلقاء نفسي والمعنى امرني الله تعالى ان انفرد بعلي واسر اليه بالحديث امامكم .

وقد كتب علي في هذه اللقاءات : الصحيفة الجامعة طولها سبعون ذراعا فيها كل شيء مما يحتاج اليه من الاحكام وصحفا اخرى كتب فيها الملاحم و التفسير ثم صارت ميراثا له وللائمة من ولده(ع) .

وهذا اللصوق لعلي بالنبي (ص) جعل سيرة علي(ع) مدمجة مع سيرة النبي (ص) فلا يذكر النبي (ص) الا والى جانبه علي كما هو حال سيرة موسى لا يذكر فيها موسى الا والى جانبه هارون وقد تواتر الحديث عن النبي (ص) انه قال لعلي (انت مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي) .

وانقلبت قريش المسلمة بعد وفاة النبي على علي(ع) وكادوا يقتلونه ، نظير انقلاب امة موسى على هارون بعد طول غيبة موسى وكادوا يقتلونه . وادعت قريش المسلمة الامامة الدينية واقصت عليا(ع) عن موقعه الذي عينه النبي فيه بامر الله ، وابتدعت في دين محمد (ص) فحرمت متعة الحج واخرت مقام ابراهيم عن البيت الى المكان الذي كان عليه في الجاهلية ، لتكرس امامتها الدينية وفسحت المجال لكعب الاحبار عالم يهود اليمن وتميم الداري راهب النصارى في الحجاز ان ينشرا اساطيرهم حول الخلق والانبياء وغاب تنزيه التوحيد وتنزيه الانبياء الذي جاء به محمد (ص) وفتحت البلدان على ذلك وانتهى الامر الى قيام حكم بني امية زمن عثمان على تكريس تلك السيرة فصاروا ائمة الدين وولاته .

حالة المسلمين الفكرية والدينية والسياسية زمن خلافة عثمان سنة 26هجرية :

اما الحالة السياسية فتعرف من شخصية رئيس الدولة وولاته على الامصار :

كان رئيس الدولة عثمان بن عفان بن ابي العاص بن امية بن عبد شمس .

وكان سكرتيره الخاص مروان بن الحكم بن العاص بن امية بن عبد شمس(ابن عم عثمان) .

وكان والى الشام الكبرى معاوية بن ابي سفيان بن حرب بن امية بن عبد شمس . (ابن عم عثمان)

وكان والي الكوفة الوليد بن عقبة بن ابي معيط بن بن عمرو بن امية بن عبد شمس ، ثم خالد بن سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن امية بن عبد شمس والد عمرو بن سعيد الاشدق . (اولاد عمه) .

وكان والى البصرة : عامر بن ربيعة من حبيب بن عبد شمس وهو ابن خال عثمان وحبيب بن عبد شمس هو اخو امية بن عبد شمس . (فهو ابن عمه)

وكان والي مصر عبد الله بن ابي سرح اخو عثمان من الرضاعة وهو من بني عامر احدى بطون قريش .

وفي ضوء ذلك فان دولة عثمان هي الدولة الاموية الاولى . وقد تذمرت منها بطون قريش حيث حرمت من امتيازات السلطة التي كانت لهم ايام ابي بكر وعمر ، واخذوا يحثون الناس على العمل للاطاحة بالخليفة عثمان .

اما الحالة الفكرية والدينية : فهي ما تبنته الدولة من اعتبار سيرة الشيخين جزءا اساسيا من قانون الدولة وتتمثل هذه السيرة بامور هي :

المنع من نشر احاديث النبي (ص) في حق اهل بيته واولهم علي(ع) . كحديث الثقلين وحديث الغدير وحديث المنزلة وغيرها .

تحريم متعة حج التمتع /وقد جعلها الاسلام رخصة للحاج /وعقوبة المخالف .

تحريم متعة النساء /وقد جعلها الاسلام علاجا للزنا / .

اسناد الوعظ وبيان قصص الانبياء الى كعب الاحبار ومصدره فيها التوراة المحرفة التي طرحت في المجتمع بصفتها كتاب الله الاول ، الامر الذي افقد عقيدة التوحيد وسيرة الانبياء التنزيه الذي جاء به القرآن فيها . .

ايجاد الطبقية في المجتمع ، على مستوى العطاء الذي توزعه الدولة في قبال التسوية التي سنها النبي (ص) بتفضيل ازواج النبي على المسلمين ثم اهل بدر على غيرهم ثم اهل الحديبية على غيرهم ، وفي الفروج في قبال كفاءة المؤمن للمؤمنة بمنع غير العربي من التزوج بالعربية ،

ارجاع مقام ابراهيم الى مكانه في الجاهلية .

ارجاع لقب (ال الله) التي انتحلته قريش في الجاهلية اليها ومعاقبة صحابي فاضل لانه عين مولاه عليها في غيابه . (79)

ان المسلمين في الحجاز واليمن والجزيرة العربية من عمر15سنة الى عمر 30 سنة ومن غيرهم ممن دخل الاسلام من اهل العراق والبلاد الشرقية واهل الشام وافريقيا والبلاد الغربية لا يعرفون خلفاء للنبي وامامة دينية تقودهم الى الله تعالى الا الخلفاء من قريش وقد انتهت الى بني امية ولا يعرفون من الاسلام الا سيرة الشيخين التي رفعها الحاكمون شعارا الى جانب كتاب الله وصار دين الله الذي بعث به محمدا هو كتاب الله وسيرةالشيخين ، بل سيرة الخليفة من قريش .

اما علي(ع) وموقعه من النبي (ص) وولايته التي امر بها الله تعالى وولاية اهل بيته الذي قال عنهم النبي (ص) (اني تركت فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدي ابدا كتاب الله وعترتي اهل بيتي) ، فانهم جاهلون بها الا اذا سمعها احدهم من ابي ذر او او سلمان او حذيفة سرا .

وهكذا فان بني امية قد كرسوا جهل مسلمة الفتوح بسنة النبي وامامة اهل بيته وفتحت اعينهم على امامة العمل بالرأي الممزوج برواسب الجاهلية وثقافة اهل الكتاب المحرفة قدمت اليهم باسم الاسلام وخلافة الرسول .

2 . هدف نهضة علي(ع) اعادة التنزيه الى التوحيد وسيرة الانبياء وتحرير دين محمد (ص) من بدع قريش المسلمة .

حذَّر النبي (ص) امَّته من الفتن المقبلة عليهم بعد موته (اقبلت الفتن كقطع الليل المظلم يتبع اولها آخرها) واخبرهم انه ادخر (ص) اهل بيته وعليٌّ اولهم لانقاذهم منها وارجاعهم الى المحجة التي تركهم عليها (ياعلي انت الهادي بك يهتدي المؤمنون بعدي)(80) (علي مع الحق والحق مع علي يدور معه حيثما دار) (81) فما هو مشروع علي لاحياء سنة النبي وانقاذ الامة من ضلالة بني امية ايام عثمان ؟

كان علي(ع) يترقب الفرصة السانحة لنهضته ولم تكن هناك فرصة افضل من فرصة انشقاق بطون من قريش على الحكم الاموي الاول /عثمان وولاته من بني امية/ ، اذ رات هذه البطون انها حرمت من امتيازات السلطة وصارت حكرا على بني امية فاخذت تبدي تذمرها من عثمان وتحرِّش عليه اهل الامصار مستغلة اخطاء(82) ولاته من شباب بني امية وتاريخهم السيء مع النبي (ص) ، واستحكم انشقاق قريش على عثمان سنة 27 هـ حين كان اخر من سجلتهم المصادر التاريخية من المتمذمرين والمنشقين على عثمان هو عبد الرحمن بن عوف وكان اول من شد الملك لعثمان في الشورى السداسية .

وقرر علي(ع) في موسم حج سنة 27 هـ ان يعلن عن احيائه لحج التمتع بصفته افضل مدخل لتعريف مسلمة الفتوح وصغار الصحابة الذين لم يسمعوا من النبي بمخالفة الحكم الاموي لسنة النبي ثم يتحرك اصحابه في موسم الحج لنشر حديث النبي في اهل بيته كحديث الثقلين وحديث الغدير وغيرهما .

وهكذا كان الامر وانطلق ابو ذر والمقداد واخرون من اصحاب النبي ازروا عليا(ع) في نهضته يحدِّثون باحاديث النبي فيه وفي اهل بيته ، واضطهدتهم السلطة نفيا وسجنا .

وفوجئ المتذمرون من قريش بنهضة علي(ع) ، ولكنهم آثروا السكوت لانهم مشغولون بالتحريش ضد عثمان ،

ثم استطاع الثائرون من قريش ان يقتلوا عثمان بعد حصاره ، ولكن الجماهير المسلمة بدلا من ان تبايع احد ابرز قادة الثورة على عثمان وهما طلحة او الزبير هرعت الى بيت علي(ع) تطلب منه ان تبايعه ، ورفض علي(ع) في بادئ الامر ثم استجاب لهم في المسجد وبويع في اروع مشهد يصفه : قال عليه السلام :

(وبسطتم يدي فكففتُها ، ومددتموها فقبضتُها ، ثم تداككتم علي تداكَّ الإبل الهِيم على حياضها يوم وِردِها ، حتى انقطعت النعلُ ، وسقط الرداء ، ووُطِئَ الضعيف … ) .

ثم قال في كلام آخر : (وبلغ من سرور الناس ببيعتهم إيايَ أن ابتهجَ بها الصغيرُ ، وهدَج إليها الكبير ، وتحاملَ نحوها العليل ، وحسرت إليها الكعاب) (83) . انه سرور كسرور دخول النبي الى المدينة .

وانطلق علي(ع) يواصل مشروعه الاحيائي لسنة النبي وقد آزره ثلة من الانصار والمهاجرين من اصحاب النبي والتابعين عبر الاجراءات التالية .

1 . الغى الطبقية في العطاء ، والتفضيل في المناكحات وارجعهما الى ماكان على عهد رسول الله .

2 . الغى سيرة الشيخين كقانون تحكم به الدولة وحوَّلها الى مذهب /بعد بيان بطلانه/ وترك الخيار للمجتمع ان يعمل بها مع وضوح بطلانها او يتركها .

3 . منع من تداول القصص الاسرائيلي التي تشوه سيرة الانبياء وتسيء الى تنزيههم(84) وتنزيه التوحيد .

4 . رفد المجتمع بخطب احيت تنزيه الله تعالى وانبيائه كما احيا مواعظ الله ورسوله في قبال كعب الاحبار واحاديثه في التجسيم وتشويه سيرة الانبياء وخرافية مواعظه .

5 . شجع المسلمين على نشر حديث النبي (ص) .

6 . شجع الناس على السؤال عن تفسير القرآن .

7 . شجع المسلمين على تدوين العلم .

وفي ضوء ذلك :

صار المسلمون في النصف الشرقي من البلاد الاسلامية ومركزهم الكوفة سواء من مسلمة الفتوح او من غيرهم على فئتين في الفكر والتعبد :

فئة تتعبد بسيرة الشيخين في صلاتها وحجها وصلاة التراويح على الرغم من معرفتها ان صلاة التراويح وغيرها كانت رأيا واجتهادا للخليفة القريشي وليست سنة من النبي (ص) .

فئة تتعبد بسنة النبي (ص) في صلاتها وحجها يقودهم قدوتهم وقيادتهم علي(ع) واهل بيته وهم اهل بيت النبي .

وقوف قريش بقيادة معاوية امام نهضة علي(ع) :

راى معاوية في مشروع علي(ع) لو استمر انهاء لدولة بني امية بل استئصال لمشروعيتها وتاسيس دولة بني هاشم وال محمد (ص) وتعميق لمشروعيتها ،

ومن هنا خطط للوقوف امام مشروع علي(ع) ووأده واعادة دولة بني امية الاولى التي مهَّد لها واسس مضمونها الفكري الخليفتان ابو بكر وعمر . وليس له الا ان يدوس على جراحه فيغض الطرف عن قَتَلَة عثمان من قريش ويجمع بطونها على موقف موحد لمواجهة علي(ع) على ثلاث مراحل :

الاولى : اقناع طلحة والزبير على نكث البيعة والذهاب الى البصرة ثم الى الكوفة واقتطاعهما عن علي(ع) وبذلك يضمن قطع الموارد العسكرية والمالية العراقية عن علي(ع) .

الثانية : قطع الطريق على علي(ع) ان يعين واليا جديدا على الشام من خلال اعلان شعار الطلب بدم عثمان قبل بيعة علي(ع) وبذلك تقطع الموارد العسكرية والمالية الشامية عن علي(ع)

الثالثة : الحركة من العراق والشام الى المدينة لقتال علي(ع) فيها ولن يصمد جيش المدينة طويلا امام اهل العراق والشام ، وليس لعلي(ع) انذاك الا القتل او الاستسلام ، ولا يترقب منه ان يستسلم فيقتل ولن يقتل حتى يقتل ولده واهل بيته وكل بني هاشم وهو المطلوب .

اقتنعت وجوه قريش المسلمة بالخطة واقدم طلحة والزبير وعائشة على تنفيذ المرحلة الاولى واستلما البصرة بعد ان غدرا بعثمان بن حنيف والي علي(ع) عليها .

موقف علي(ع) من خطة قريش :

ادرك علي(ع) خطة قريش واعلن عنها في كلامه لاخيه عقيل (دع عنك قريشاً وتَرْكاضَهم في الضلال ، وتَجوالهم في الشقاق ، وجِماحَهم في التِّيْه ؛ فإنّهم قد أجمعوا على حربي كإجماعهم على حرب رسول الله (صلى الله عليه وآله) قبلي) . (85)

وكان موقفه من خطة قريش هو الخروج من المدينة ودعوة اهل الكوفة الى نصرته واسترداد البصرة من قريش ثم اتخاذ الكوفة مركزا لمواجهة معاوية في الشام وهكذا كان الامر واستجابت الكوفة لعلي (ص) وارتبطت مصيريا بنصرة اهل بيت النبي كما ارتبط اهل الشام مصيريا بنصرة بني امية

خرج اكثر من عشرة الاف من اهل الكوفة مع علي واسترد البصرة من عائشة وطلحة والزبير بساعات في اول معركة بين المسلمين انفسهم طرف تقوده قريش المسلمة وطرف يقوده علي (ص) وكان نصرا مؤزرا كما كانت بدر نصرا مؤزرا للنبي (ص).

ورجع علي(ع) الى الكوفة واتخذها مقرا لمشروعه ودولته ، وانطلق منها الى الشام ليستردها من معاوية وكادت المعركة في صفين وهي اعظم معركة في تاريخ الاسلام ان تحسم الامور لصالح علي(ع) لولا اعلان نصف جيش علي تجاوبهم مع الشعار الذي اعلنه معاوية بالاحتكام الى القرآن وكان هذا النصف لم يستجب لمشروع علي ولم يقاتل معه على اساس العقيدة بامامته المنصوصة ولا البصيرة بمعاوية ومكرة ودهائه .

بخلاف النصف الاخر الذي كان يقوده مالك الاشتر ونظراؤه ممن كانوا على بصيرة بخطة معاوية وايمان بعلي وصيا للنبي ، فقد كان مالك يخطب في اصحابه ويقول :

(إن هؤلاء القوم والله لن يقارعوكم إلا عن دينكم ، ليطفئوا السنة ، ويحيوا البدعة ، ويدخلوكم في أمر قد أخرجكم الله منه بحسن البصيرة) . (86)

واسترد معاوية بشعار (الاحتكام الى القرآن) (87) انفاسه وحافظ على وجوده ورجع الى الشام وقد قوي امله بتاسيس الدولة الاموية الثانية امتدادا للدولة الاموية الاولى واطروحتها الفكرية واستطاع ان ينطلق من امرين الاول جهل اهل الشام بموقع علي(ع) من النبي وتاريخ معاوية وابيه في بدر واحد والخندق ضد النبي (ص) الثاني : ثقتهم التفصيلية بمعاوية بصفته وليا عليهم وممثلا للخلافة القرشية مدة ثلاثين سنة ، ومن ثم اسس اعلاما كاذبا في حق علي(ع) اعطى خطوطه للقصاصين الذين اصطحبهم معه يقصون بعد كل صلاة ، تمثل هذاالاعلام الكاذب بالقاء التبعة في قتل عثمان على علي واصحابه وهو الذي اعلنه قادة قريش في الجمل ، وان عليا يقاتل من اجل الملك الذي كان يطمع به بعد وفاة النبي ولم يوله المسلمون اياه وانتهاء بوصفه ملحدا في الدين وكونه نهض لتغيير سنن الخليفة عمر في الصلاة والحج وفي ضوء ذلك فانه يجب البراءة منه والعمل على قتله وارجاع الامور الى ما كانت عليه زمن الخليفة عمر وبين ايديهم قيادة وثق بها عمر خليفته عثمان ثلاثين سنة .

3 . حروب قريش مع علي(ع) واعلامها الكاذب

وكما ان قريشا المشركة بقيادة ابي سفيان فرضت على النبي حربين ظالمتين(88) هما بدر وأحد كذلك فرضت قريش المسلمة بتخطيط بني امية اشعلت حربين ظالمتين على علي(ع) :

كانت الحرب الاولى ضد علي(ع) في البصرة بقيادة طلحة والزبيروعائشة وكان النصر المؤزر فيها لعلي(ع) وكان حجر بن عدي يقول في هذه الحرب :

 

يا ربنا سلم لنا علياً

سلم لنا المهذب التقيا

المؤمن المسترشد الرضيا

واجعله هادي أمة مهدياً

احفظه رب حفظك النبيا

لا خطل الرأي ولا غبياً

فإنه كان لنا ولياً

ثم ارتضاه بعده وصياً(89)

وكانت الحرب الثانية ضد علي(ع) في الشام بقيادة معاوية بن ابي سفيان وقد خسر علي(ع) فيها النصر بسبب مخالفة قسم من جيشه لامره في استمرار القتال حين رفع معاوية المصاحف وطلب توقيف القتال .

4 . معاوية يحصن اهل الشام من التاثر بعلي(ع) بالحرب والاعلام الكاذب

افرزت الحربان اعلاما امويا طوَّق عليا(ع) بتهمة طلب الملك من وراء تلك الحربين وانه اوى قتلة عثمان واستعان بهم وانه افسد في الدين وانه لا يصلي وغير ذلك من الشبهات التي كان قصاصوه يقصونها على الناس بعد الصلاة . واستطاع بذلك ان يحصن اهل الشام من التاثر بمشروع علي(ع) .

كما استطاع معاوية بن ابي سفيان ان يحول جيش الشام الى سرايا تغير على اطراف علي لتنهب وتقتل شيعة علي ليتخلوا عنه كما استطاع ان يقتطع مصر عن علي(ع) وصمد اهل العراق مع علي(ع) . واقترن ذلك /ولايبعد انه كان ذلك بدفع منه من خلال بعض رؤوس النفاق كالاشعث بن قيس / بحركة الخوارج من داخل الكوفة .

كيانان فكريان وسياسيان في الامة الاسلامية سنة 39هجرية :

انقسمت الامة الاسلامية سنة 39 هجرية الى كيانين فكريين وسياسيين :

الاول : يمثل مشروع النبوة ما عدى ان شخص محمد (ص) غير موجود وانما بديله شخص اخر هو كنفسه وهو علي(ع) وهو وصيه .

مركز هذا المشروع العراق – الكوفة ويدين بهذا المشروع اغلب سكان النصف الشرقي من مسلمة الفتوح والانصار مع خمسة افراد من قريش فقط(90) . شعاره العمل بكتاب الله وسنة النبي (ص) ، ودعوة النصف الغربي للعودة اليها . يقود هذا المشروع اهل بيت النبي اولهم وعظيمهم علي(ع) ومعه ولداه الحسن(ع) والحسين(ع) .

الثاني : يمثل مشروع قريش المسلمةالتي حكمت اربعا وعشرين سنة وانتجت مضمونا فكريا وتشريعيا خليطا من الاسلام ورواسب الجاهلية والاسرائيليات في قصص الخلق والانبياء ، شكلا مضمونا مدرسة قريش المسلمة الحاكمة .

راس المشروع ووريثه هو معاوية ومركزه الشام ويتدين بهذا المشروع اغلب سكان النصف الغربي من مسلمة الفتوح وقبائل قريش كلها الا خمسة نفر . شعاره العمل بسيرة الشيخين المؤسسين وقتال علي وشيعته بتهمة دم عثمان وهو برئ منه براءة الذئب من دم يوسف .

شهادة علي(ع) وبيعة اهل العراق الحسن(ع) ، وبيعة اهل الشام معاوية :

استشهد امير المؤمنين وهي يعبئ جيشه لمحاربة معاوية ،

وبايع العراقيون الحسن(ع) حاكما وهو قبل ذلك رأس في مشروع ابيه ووصيه عليه اماما هاديا بنص من جده النبي (ص) .

وبايع اهل الشام معاوية حاكما وهو من الرؤوس في مشروع قريش المسلمة وقد عُني به الخليفة الثاني عناية خاصة وكان يحاسب عماله الا معاوية فانه كان يقول فيه هذا كسرى العرب فكان زعيما في الشام عشرين عاما منذ وفاة اخيه يزيد بن ابي سفيان في الشام فعينه عمر مكانه ثم ضم اليه الخليفة الثالث بقية بلاد الشام . ومن هنا فان جيلين من الشاميين فتحا اعينهم على امارة معاوية التي اسسها عمر وعثمان بصفته ممثلا للاسلام الامر الذي جعلهم يثقون بتقديره للامور ويقبلون منه وقوفه ضد علي(ع) ، ساعده على ذلك جهلهم بموقع علي في الاسلام .

معاوية يبادر بطلب الصلح مع الحسن(ع) واهدافه منه :

كان معاوية يطمح الى ان يستقل بملك الشام وقد نجح وانتهى نجاحه باقدام اهل الشام على بيعته حاكما على نهج سلفه عثمان ، وبيده ورقة ضغط على الحسن(ع) وهي الغارات التي كان يشنها على اطراف الكوفة ، وفي الوقت نفسه يتخوف من خطرين قائمين يحيطان به الاول حلقات الخوارج الارهابية من الداخل الثاني جيش الروم من الخارج الذي يتحين فرصة الهجوم على الشام لاستردادها ومن هنا بادر بطلب الصلح من الامام الحسن : ليحقق احد امرين :

ربح المعركة الاعلامية عند عدم موافقة الحسن على الصلح فان الحسن (سيكون ملوما لمخالفته الاية الكريمة (وان جنحوا للسلم فاجنح لها) عند قسم من جيشه فضلا عن المنافقين في الكوفة فضلا عن تاكيد العقيدة عند اهل الشام ان معاوية يرغب في الصلح وان الطرف الاخر هو طالب الحرب .

تحقيق عدة مكاسب عند استجابة الحسن للطلب ، منها :

راحة جيشه المتعب .

ملاحقة الحلقات الارهابية الوافدة عليه من العراق ،

دفع خطر الروم بالمصالحة ايضا ،

واخيرا رد الكرة على العراق بعد ذلك لتصفية الحساب مع مشروع علي وحملته .

المفاجأة الكبرى في جواب الحسن(ع) على مبادرة معاوية

من الضروري جدا ان نتعرف على طريقة تفكير الحسن(ع) بقضية الصلح التي عرضها معاوية فما هي الاصول التي يستحضرها الحسن في فكره بل ويستحضرها ايضا أي رجل مخلص من رجالات جيشه وهم كثر .

الحسن بعبارة موجزة هو احد منظومة الامامة الهادية بعد النبي (ص) مهمتها المحافظة على الشريعة وهداية الناس (فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ (89) أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرى لِلْعالَمِينَ (90) الأنعام/89-90 ، وقد نهض ابوه علي(ع) بمشروع الهداية بعد النبي واسسه في قبال قريش المسلمة التي اضلت الامة وكفرت بالتاويل . كما كفرت قريش المشركة بالتنزيل . وهو الان على راس هذا المشروع ، ان مهمة الحسن الاساسية هي كيف يوصل مشروع ابيه الى النصف الثاني من الامة التي لم تقف عند حالة كونها جاهلة بعلي وهو الهادي بعد النبي بل تعتقد به في ضوء اعلام معاوية انه مفسد في الدين تجب البراءة منه ، ولم تقف عند العقيدة فقط بل تحولت الى جيش يهمه قتل من هو على دين علي بل من يتصل بعلي بنسب الم يقتل بِسرٌ طفلين لعبيد الله بن عباس ! .

يفكر الحسن(ع) كيف يفتح قلوب اهل الشام على الحقيقة ليعرفوا معاوية على حقيقته مفسدا في الدين ويعرفوا عليا(ع) هاديا الى دين الله بامر الله ورسوله ،

وكانت أهم عقبتين بل عقدتين أمام انطلاقة المشروع هما :

العقبة الاولى انشقاق الشام : هذا الانشقاق الذي استحكم ببيعة الشاميين لمعاوية على الحكم على ما بويع عليه عثمان ، على كتاب الله وسنة النبي وسيرة الشيخين ، وهذه العقبة خلقت عدة مشكلات بعضها فِعلي والآخر تحت الرماد :

الأولى : مشكلة فقدان الأمان في الطرق الخارجية بين ولايات الدولة الإسلامية حيث انعدمت بفعل غارات جيش معاوية على الأطراف الآمنة التابعة لعلي(ع) . وهذه مشكلة فعلية قائمة .

الثانية : مشكلة ثقافة العداء لعلي(ع) عند أهل الشام ، فهم يعتقدون أن علياً(ع) مشترك في قتل عثمان مفسد في الدين مخالف لسيرة الشيخين ، يستحق أن يُلعن ويُتبرأ منه ومن شيعته بل يستحقون أن يُستأصَلوا جميعا وهذه المشكلة فعلية ايضا .

الثالثة : مشكلة تهديد الروم البزنطيين على الجبهة الشمالية الشرقية للشام وهذه المشكلة فعلية ايضا .

الرابعة : مشكلة تحت الرماد تتمثل باحتمال أن يتبنى المنشقُّون الامويون إحياء القبلة المنسوخة وهي بيت المقدس لتجريد الحسن(ع) من سلاح الكعبة /القبلة العامة لكل المسلمين/ ولإحكام عُزلة أهل الشام عن العراقيين حتى لا ينفتحوا على الحقائق التي قد تغيِّر من ولائهم لمعاوية . وقد حصل مثل هذا في عهد بني إسرائيل في الشام وتعددت القبلة والكتاب الإلهي عندهم وبقيت امتدادات القبلتين والكتابين إلى زمن معاوية وإلى اليوم ، وقد نفَّذ عبد الملك بن مروان جزءا من هذا المخطط في زمانه لما كان خصمه عبد الله بن الزبير مسيطراً على مكة حين منع اهل الشام من الحج مدة حكم عبد الله بن الزبير لكي لا يتاثروا بالاحاديث النبوية ضد بني امية وبني مروان التي تبنى دعاة عبد الله بن الزبير اشاعتها بين الشاميين في اول حجة لهم في عهده .

العقبة الثانية الخوارج : حمل الخوارج شعار التكفير لعلي(ع) ومعاوية وتحولوا بعد معركة النهروان الى خلايا اغتيال ومجموعات تغير على الابرياء وتقتلهم لانهم يسالمون السلطة ، وقد تسببت هذه النشاطات ان تفتقد الامة وبخاصة البلاد الشرقية الأمان داخليا . وهي وان كانت مشكلة مشتركة بين الشام والعراق ولكنها في الكوفة اكثر خطورة لانها مركز الخوارج .

وأمامَ وضع معقد كهذا لا يصبح خيار الحرب في صالح مشروع علي(ع) . إذ هو بحاجة الى انفتاح القلوب عليه باختيارها والحرب ليست اداة صالحة لذلك وبحاجة الى اجواء امنة ايضا .

ثم أن الصلح المحدود وإيقاف القتال بالطريقة التي اقترحها معاوية بان يبقى العراق وما والاه للحسن(ع) والشام وما والاه لمعاوية كما هي طبيعة الاشياء وطبيعة طريقة تفكير معاوية تكرس الانشقاق والثقافة العدائية لعلي(ع) ومن ثم بقاء الطريق مسدوداً أمام انفتاح أهل الشام على مشروع علي(ع) مضافاً إلى ما ينطوي عليه من خطر محتمل أشرنا إليه آنفاً .

خصائص أطروحة الصلح المطلوبة

إن أطروحة الصلح التي يحتاجها مشروع علي(ع) لينطلق في الشام لابد لها من أن تكون أطروحة تمتلك أن تحقق مايلي :

1 . تعالج الانشقاق وما ينطوي عليه من مخاطر فكرية وسياسية .

2 . تحفظ لاهل العراق واهل الشام اختيارهم وبيعتهم .

3 . تعرِّف الشاميين أنَّهم كانوا ضحية إعلام قريشي اموي كاذب .

4 . تفرض على معاوية ان يتعامل /ولو ظاهريا ولمدة محدودة/ بإيجابية مع ذكر علي(ع) بخير .

5 . تضمن اختلاط العراقيين مع الشاميين في أجواء الشفافية والمحبة والأمان ليتمكَّن العراقيون من نقل أخبار الإمامة الإلهية في علي(ع) وأخبار سيرته المشرقة وليستقبلها الشاميون دون تحسس منها مسبقا . .

6 . تحقق أجواء الأمان في الامة كلها وتطوق الفكر التكفيري وتلاحق حلقات الاغتيال التي نشات عنه .

7 . تدفع التهديد الخارجي الذي يلوح به الروم البيزنطيون .

وليس من شك أن الصيغة الوحيدة للصلح التي تحقق كل الأمور الآنفة الذكر هي التنازل المشروط عن السلطة المدنية من قبل الحسن(ع) وتكوين الدولة الموحدة وتنصيب معاوية لها حاكما ثم الحسن(ع) بعده .

وهي أطروحة ليست صعبة على الحسن(ع) فهو أساساً إمامٌ هادٍ تهمُّه قضية الهداية والرسالة ومصلحة الأمة العامة قبل كل شيء ، والحكم القائم على بيعة الناس بالنسبة إليه /على الرغم من كونه حقا له ويجب على الأمة أن تبايعه / لا يزيد من إمامته الإلهية شيئاً ولا ينقص منها شيئا / .

وكان النبي (ص) قد أعد الحسن(ع) لهذه المهمة الإلهية بقوله (ص)  : (الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا) (91) ، وقوله (ص) : (الحسن والحسين سبطان من الأسباط) (92) ، وقوله (ص) (إن ابني هذا سيد ، وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين) . (93)

وكذلك هي ليس صعبة على العراقيين شيعة علي(ع) المؤمنين بمشروعه ، فهم على نهجه يحملون همَّ هداية الأمة ومؤازرة القائد الإلهي المذخور لها . وليسوا طلاّب سلطة ودنيا وقد شهد لهم علي(ع) بذلك .

قال(ع) : (وليس أهل الشام بأحرص على الدنيا من أهل العراق على الاخرة) . (94)

وقال(ع) مخاطبا لهم : أنتم الأنصار على الحق ، والأخوان في الدين والجنن يوم البأس والبطانة دون الناس . (95)

وقال(ع) : الكوفة كنز الإيمان وحجة الإسلام وسيف الله ورمحه يضعه حيث شاء ، والذي نفسي بيده لينتصرنَّ الله بأهلها في شرق الأرض وغربها كما انتصر بالحجاز . (96)

ولا زالت الكلمة الرائعة التي تمثل بها الحسن(ع) حين رحل عن الكوفة بعد الصلح في حُسن ثقته بالعراقيين يحفظها التاريخ وهي قوله :

ولا عن قِلىً فارقتُ دارَ معاشري

همُ المانعونَ حوزتي وذماري(97)

وقد عَرَفَ ذلك للعراقيين ايضا خصمهم عبد لله بن الزبير حين قال له معاوية متشكياً : أنَّ الحسن(ع) لم يزره في المدينة إلا مرة واحدة ، وكان يتوقع أن يزوره أكثر من مرة ، قال له : والله لو شاء الحسن أن يضربك بمئة ألف سيف لفعل ، ولأهلُ العراق أبرُّ به من أمِّ الحُوار بحُوارها . (98)

وعَرَفَ هذه الصفة لهم أيضا معاوية نفسه خلال سنوات الصلح حين انطلق أخيارهم ورموزهم من الرجال والنساء بفقه في الدين وجرأة في الحوار مع الحاكم ووفاء لعلي(ع) منقطع النَّظير يروون لأهل الشام ولغيرهم سيرة علي(ع) المشرقة وسوابقه مع النبي (ص) .

وقد شهد لهم معاوية بوفائهم لعلي ومنهجه حين قال : (هيهات يا أهل العراق لقد فقهكم علي فلن تطاقوا ! )

وحين قال : (لقد لمظكم علي الجرأة على السلطان) .

وحين قال : (واللهِ لوفاؤكم له بعد موته أعجب إلي من حبِّكم له في حياته ! ) . (99)

ان مشروع الهداية وحل المشكلات لايحتاج فقط إلى قائد رسالي إلهي تسمح له نفسه بالتنازل عن حقه في الملك بمستوى ملك العراق والبلاد التابعة له لأجل الرسالة والهداية والمصلحة العامة للأمة ، بل هو بحاجة أيضا الى قناعة العراقيين بذلك واهليتهم لحمل ثقافة الولاء لعلي الى غيرهم ، وقد أثبت العراقيون أنهم كذلك حيث استجابوا(100) للحسن(ع) وقاموا بمهمة الهداية معه كما سيأتي .

العمق الستراتيجي للحسن(ع) والتفكير المحدود لمعاوية

وفي ضوء ذلك يتضح الفرق الكبير بين طريقتين في التفكير :

الاولى تربط نفسها مصيريا بالسلطة ولا يهمها مصلحة الرسالة والامة في شيء ،

الثانية تربط نفسها مصيريا بمصلحة الرسالة والامة في كل شئ .

وفي قضية معالجة الانشقاق فان مثل الحسن(ع) ومعاوية ازاء ملك الامة مثل تينك المرأتين اللتين تنازعتا في وليد واصرتا فدعا علي(ع) بمنشار وقال لهما اقسمه نصفين بينكما فسكتت إحداهما وقالت الأخرى : الله الله يا أبا الحسن إن كان لا بد من ذلك فقد سمحت به لها . فقال : الله أكبر هذا ابنك دونها ، ولو كان ابنها لرقت عليه وأشفقت . فاعترفت المرأة الأخرى بأن الحق مع صاحبتها والولد لها دونها(101) ،

لقد اراد معاوية بطلبه للصلح ان يكرس انشقاق الامة لرغبته في الملك وهو غير مشروع له ،

واراد الحسن بالصيغة التي اختارها ان يعالج الانشقاق بالتنازل عن الملك وهو مشروع له ، ومنه يتضح للناس ان الحريص على مصلحة الامة هو الحسن وليس معاوية ،

ومنه يتضح ايضا :

أنَّ مبرر الصلح بشكل تنازل مشروط عن السلطة الذي أقدم عليه الإمام الحسن(ع) ليس مرده إلى ضعف وانهيار في شخصية الحسن(ع) كما تبنى المستشرقون ذلك اعتماداً على روايات موضوعة .

ولا إلى الخيانات والضَّعف والشك الذي عاشه جيش الحسن(ع) أو شَعبه كما تصوره لنا روايات أخرى كلها من وضع الإعلام العباسي .

بل مرده إلى تفكير موضوعي في الظرف الذي تمر به الرسالة والامة ليحفظ مصالحهما ،

اما مصلحة الرسالة فقد نهض بها علي(ع) ليكون الكتاب والسنة دون اضافة راي احد هي الدستور الحاكم في البلاد وليكون راي الحاكم في المسائل الدينية العملية الشخصية مذهبا من المذاهب يترك فيه الخيار للامة ان شاءت اخذت به وان شاءت تركته واخذت براي اخر ،

اما مصلحة الامة في زمن الحسن(ع) فهي معالجة الانشقاق الذي استحكم فيها ، وملاحقة الارهابيين الذين نغصوا العيش الامن للناس ، ومواجهة تهديد الروم على الجبهة الشمالية الشرقية لحفظ الكيان الاسلامي .

مضافا الى ذلك فان التنازل من الحسن(ع) كان بحدود (السلطة المدنية) التي كانت له في العراق وقد جاءته ببيعة مشروعة ، اما (الامامة الدينية الهادية المعصومة) التي جعلها الله تعالى له فهي غير قابلة للتنازل لانها لم تاته على اساس بيعة الناس بل جاءته بالوصية من النبي (ص) قبل ان يبايعه الناس على الحكم ، لانها تترتب عليها مسؤولية حفظ الرسالة وقيادة الناس الى الله تعالى بشكل مضمون النتيجة والقبول كما في قوله تعالى ﴿أُولئِكَ الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ (89) أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ (90)﴾ الأنعام/89-90 . ويترتب على الناس ان ينصروه ليقوم بمهمة حفظ الرسالة واحيائها المهمة التي نهض بها امير المؤمنين ، نظير بيعة اهل المدينة للنبي نصروه ليبلغ رسالة الله التي منعته من تبليغها قريش ، والصلح الذي قام به الحسن انما هو معالجة الانشقاق وفضح قريش ومعاوية الذي صد عليا(ع) عن مشروع احياء السنة في الشام ، نظير الصلح الذي قام به النبي (ص) لفضح قريش المشركة التي شوهت الحركة الرسالية للنبي عند القبائل باعلام كاذب لكي لا تتأثر به . (102)

مضافا الى ذلك فان هذه الصيغة من الصلح هي الصيغة الوحيدة التي توفر للحسن ان يشترط ما يريد من الشروط وليس للطرف الاخر الا ان يقبل الصفقة كلها او يرفضها كلها .

ان اطروحة الحسن للصلح تدفع معاوية دفعا لان يستقبلها ولا يرفضها ولو رفضها لكان الملوم عند شعبه . وفي الوقت نفسه فان معاوية يعلم ان قبوله للشروط معناه ظهور امر الامامة الالهية لعلي(ع) في الشام وانه امتداد لرسول الله (ص) في سيرته ، وأنّهَ كان على حق في مخالفته لسيرة الشيخين في حج التمتع وغيرها(103) وان كل من خالف عليا في صغيرة او كبيرة كان على الباطل ، ولكنه افتضاح كان معاوية/وهو داهية قريش بالغدر (104)/ قد استبطن الخطة لعلاجه كما اشرنا انفا .

إنَّ الحسن(ع) بتنازله المشروط عن السلطة سوف يحقق فتحاً عظيماً لقلوب اهل الشام إزاء أبيه علي(ع) ، ويهيؤها لاستقبال نصوص ولايته الالهية التأسيسية من الكتاب والسنة ، كما حقق صلح الحديبية من قبل فتحاً مبيناً لقلوب سكان أهل الحجاز ونَجْد إزاء النبي (ص) وهيأها لاستقبال الإسلام والاعتراف بنبوته (ص) .

ويتبيَّن بذلك سرُّ قول الإمام الحسن(ع) لأحد أصحابه : (إن علة مصالحته لمعاوية هي علة مصالحة النبي لقريش) (105) ،

وسرُّ قول الإمام الباقر : (والله لَلذي صنعه الحسن بن علي(ع) كان خيراً لهذه الأمة مما طلعت عليه الشمس) . (106)

وبذلك يتضح ايضا عمق الضربة الستراتيجية التي وجهها الحسن(ع) الى معاوية ولم يدعه يقوم بعدها ابدا حتى حين يغدر بعهده ، اذ استجاب لمعاوية لصيغة الصلح التي تحقق للحسن معالجة الانشقاق وتقوي الامة ازاء الخطرين اللذين يهددانها الخوارج من الداخل والروم من الخارج ، كما تحقق له فضح معاوية عند اهل الشام وافتضاح تجربة قريش المسلمة التي ورثها معاوية وتحقق له ظهور حق ابيه علي في الشام وكونه وارث النبي (ص) ووصيه كل ذلك في آن واحد .

واخيرا فانه مما لا شك فيه ان الحسن كان قد وضع في حسابه ان معاوية سوف يستجيب مؤقتا ، والغدر بعدها في الوقت المناسب ليس تخمينا بل علما قاطعا من خلال معرفته باصول معاوية التي تربى عليها .

ولكنه في الوقت نفسه يعتقد الحسن .(ع) ان معاوية سوف لن يكون غبيا في تعامله مع هذه الصفقة المفاجئة التي اسالت لعابه بل سيظهر كل دهائه ليضرب ضربته بعد ان يستقر له الملك ولن يستقر في اقل من خمس سنوات الى عشر سنوات ، ان معاوية مهما اختلف في دينه(107) فان دهاءه وشيطنته في التخطيط وتقدير اولويات الصراع لاجل الدنيا امر لاخلاف فيه(108) ، واولويات الصراع هنا تقتضي بعد تسليم الحسن .(ع) الملك له مداراة اهل العراق وكسب جانبهم ، والانصراف الى ملاحقة الخوارج في الكوفة اولا ومداراة اهل الروم في ان واحد . وبالتالي فسوف يكون غدر معاوية بعد ان حقق الحسن اهدافه كاملة من الصلح ، اما ان يتسلم الملك بعد معاوية فلم يكن الحسن يتوقعه ولم يكن ليرغب فيه بما هو ملك وامرة (109) .

اما معالجة تبعة الغدر وفتح الطريق من جديد للامامة الالهية ومشروع علي(ع) فقد تركها الحسن(ع) الى اخيه الحسين(ع) الذي اعده الله ورسوله لها .

ليس من شك ان معاوية قد اعمى بصيرته الملك وسال لعابه له وقرر ان يستجيب للحسن ثم يغدر به بعد حين وما درى ان في هذا الغدر حتفه الى الابد

ان الحسن بطريقة التفكير هذه كان واثقا كل الثقة أنَّ اهل الشام فضلا عن شيعة أبيه سوف يستقبلون اطروحته وشرائطها لما يرون فيها من حفظ مصالح واختيارات الجميع ونكران للذات من الحسن .(ع) يشهده الجميع .

وهكذا كانت المفاجأة الكبرى من الحسن للجميع هي تنازله المشروط عن الملك ، فان كل الذي كان يتوقعه معاوية ورجاله هو ان يرفض الحسن او يستجيب لطلبه بايقاف الحرب وان يكون كلٌ على بلده الذي بايعه ، اما ان يكون الجواب هو التنازل عن العراق وما والاه بشروط ، فهو مما لم يكن يتوقعه معاوية ولا احد من رجاله على الاطلاق الا ان يكون الحسن ليس على سر ابيه ومنهجه(110) وهذا ما لا يتوقع من الحسن الزكي المطهر .

وحاول معاوية ان يعدل بعض الشروط ولكن الحسن كان حاسما في موقفه :

روى ابن عبد البر في الاستيعاب قال (فكتب إلى معاوية يخبره أنه يصيّر الأمر إليه على أن يشترط عليه ألا يطلب أحدا من أهل المدينة والحجاز ولا أهل العراق بشيء كان في أيام أبيه ، فأجابه معاوية ، وكاد يطير فرحا ، إلا أنه قال : أمّا عشرة أنفس فلا أؤمّنهم) (111) . فرفض الحسن ذلك ، (فبعث إليه معاوية حينئذ برقّ أبيض وقال : اكتب ما شئت فيه وأنا ألتزمه . فاصطلحا على ذلك) ،

وكانت شروط الحسن(ع) على معاوية :

1 . ان يعمل بالكتاب والسنة فقط . أي ليس له ان يفرض على احد من المسلمين سيرة الشيخين لانها ليست من الكتاب والسنة في شيء بل هي راي ارتآه الخليفتان وللمسلمين الخيار في العمل بها او عدمه .

2 . ان يترك لعن علي .(ع) وسبه (وهو مما نهت عنه السنة وان يذكره بخير وهو مما امرت به السنة النبوية ايضا) .

3 . امان شيعة علي حيثما كانوا . وحريتهم بالاقتداء بعلي .(ع) والتعبير عن رايهم فيه والحديث عن سيرته كما هو لغيرهم من اهل الشام وحريتهم بالاقتداء بالخلفاء والتعبير عن رايهم فيهم والحديث عن سيرتهم . وان لا يكيد للحسن واهل بيته .

4 . ان يوزع في شهداء الجمل وصفين عطاء خاصا بهم ، كما يوزع لشهداء صفين في الشام .

5 . وان يفضل بني هاشم في العطاء على بني عبد شمس وهو سنة نبوية تمثلت بالخمس وهذا التفضيل كان جزاء لهم على دعمهم واسنادهم كمجموع لدعوة النبي (ص) في قبال مقاطعة بقية بطون قريش ومواجتهم السلبية لها .

6 . وان يستثني ما في بيت مال الكوفة للحسن (112) ، وان يوصل له الفي دينار سنويا من خراج داراب جرد . ونحن نشك في اشتراط استثناء ما في بيت مال الكوفة لان المعروف من سيرة علي انه كان لا ياخذ من بيت المال الا بمقدار ما هو حقه مما يساوي عطاء الاخرين ، وقد اغنى الله تعالى الحسن عن اخذ ما في بيت مال الكوفة بصدقات ابيه علي(ع) (113) مضافا الى ما اشترطه من الفي دينار سنويا وهي ليست لاحتياجاته شخصيا بل يقضي به حاجات المؤمنين وسياتي تصرفه عليه السلام في المال .

7 . وان لايسميه بامير المؤمنين لانها خاصة بمن جعل الله تعالى اميرا لهم يوم الغدير وهو علي(ع) .

8 . وان لا يقيم عنده شهادة لانه ليس مواطنا عنده ، وهناك فهم اعمق وهو ان فكرة الصلح عند الحسن(ع) تقوم على اساس فصل السلطات الثلاث بعضها عن بعض ، سلطة التشريع وسلطة القضاء وسلطة التنفيذ ، والذي منحه لمعاوية بصفته حاكما هو السلطة التنفيذية المقيدة بالكتاب والسنة لا غير .

وهنا لابد من الاشارة الى ان فصل السلطات الثلاث كان امرا يقتضيه الواقع الذي عاشه الامام الحسن(ع) واي واقع اخر تكون فيه السلطة لشخص غير مستوف للشروط الشرعية كما هو الحال في اغلب الدول الاسلامية اليوم ، والا فان الحاكم حين يكون زمن النبي (ص) او الوصي(ع) او الفقيه الجامع للشرائط فانهم اهل للقضاء بل القضاء من شؤونهم ولهم ان يوكلوه الى نظرائهم او من يطمنون به انه يحكم باحكامهم ، وللنبي فوق ذلك صلاحية التشريع بما لا يتعارض مع تشريع القرآن ، وللوصي بما لا يتعارض مع تشريع النبي (ص)

ولابد من الاشارة ايضا الى ان الحسن(ع) حين سلم لمعاوية السلطة التنفيذية وقيدها بشروط احتفظ لنفسه بالامامة الدينية الهادية التي جعلها الله تعالى له هذه الامامة التي تكون طاعتها طاعة الله ومعصيتها معصية الله ولا تقبل الاعمال الا بها ، وهي شاهدة ورقيبة على الامة والحاكم معا يبحث عنها المسلم من خلال كتاب الله وسنة نبيه .

اما الامامة السياسية بصفتها مؤسسة مدنية تدير البلاد وتحافظ على امن المسلمين وحقوقهم ، فهي مؤسسة تتقيد بالقانون . والقانون هنا هو كتاب الله وسنة نبيه التي امنت بها الامة منهاجا وقانونا في الحكم . ومن هنا كانت الامة رقيبة على الحاكم دون الامامة الالهية الهادية . (114)

ان هذا الفصل بين السلطات كان ضروريا حين تفرض الظروف السيئة حاكما مثل معاوية وما اكثرهم في تاريخ الامة في قبال الحكم الجائر الذي يعرض الحاكم فيه نفسه قائدا الى الله تعالى وخليفة عنه طاعته طاعة الله ومعصيته معصية الله ، وان التدين هو طاعة الخليفة ، وهو الذي قامت دولة عثمان عليه ودولة سلفيه وحاول معاوية ان يستعيدها في الشام وطلب المصالحة لتكريسه الصلح عليه يكون فيه الحاكم بما هو حاكم مشرعا في الدين وطاعته طاعه الله ومعصيته معصية الله .

5 . الفتح المبين بظهور باطل معاوية وكذبه وظهور حق علي(ع) وصدقه لدى اهل الشام

اعلن معاوية عن قبوله لشروط الحسن(ع) ومن ثم كان (الفتح المبين) في الشام بظهور بطلان معاوية وكذب اعلامه وظهور ظلامة علي .(ع) وحقانيته واختلاط العراقيين بالشاميين في الشام وموسم الحج ليشهدوا حقائق غيبها الاعلام القرشي عنهم .

فها هو معاوية بنفسه يترحم على علي(ع) حين يسمع وصفه من شيعة علي ويقرهم عليها ،

وها هم يسمعون من اصحاب النبي (ص) احاديثه في اهل بيته(ع) التي تؤسس امامتهم الدينية ،

وها هو تاريخ معاوية وابيه في حرب الاسلام عشرين سنة يصدون عنه ،

وها هي سيرة الشيخين في متعة الحج ومتعة النساء وفي غيرها تخالف ما امر به الله ورسوله ،

وها هو علي (ع) يحيي سنة النبي (ص) ولا يسمع لقول الخليفة عثمان ينهى عنها وفق سيرة الشيخين وما بدا له فيها من راي جديد .

وها هي حربا الجمل وصفين قد اضرمتها قريش المسلمة ضد مشروعه الاحيائي للسنة طلبا للملك وتكريسا لامامة قريش .

وها هو علي (ع) يرفض الملك حين يشترط عليه العمل بخلاف سنة النبي (ص) ،

وها هو الحسن (ع) يسلم الملك بشرط عدم العمل بسيرة الشيخين وفرض ذكر ابيه بخير .

وها هو الحسن (ع) يحيي سيرة ابيه علما وعبادة وزهدا وسلوكا ، تبين للناس خلال السنوات العشر التي عاشروه فيها كما وصفه حفيده الامام الصادق(ع) .

ووصلهم وصف ضرار لعلي بل سمعوه منه في بلاط معاوية حين طلب منه أن يصف عليا(ع) واصر عليه فنهض قائلاً :

(كان _علي _ واللهِ بعيدَ المدى ، شديدَ القِوى ، يقول فصلاً ، ويحكم عدلا ، يتفجَّرُ العلمُ من جوانِبِه ، وتنطِقُ الحِكمَةُ من نواحيه ، يستوحشُ من الدنيا وزَهرتها ، ويأنسُ بالليلِ ووحشتِه ، غزيرَ العَبرة ، طويلَ الفكرة ، يُعجِبُه من اللِّباس ما قَصُر ، ومن الطعام ما خَشُن . كان فينا كأحِدِنا ، يجيبُنا إذا سألناه ، وينبئُنا إذا استفتيناه ، ونحن واللهِ مع تقريبِه إيانا وقُربِه منّا لا نكاد نكلِّمه هيبةً له . يعظِّم أهلَ الدين ويُقرِّب المساكين . لا يطمع القَويُّ في باطله ، ولا ييئَسُ الضعيفُ من عدله ، وأشهدُ لقد رأيتُه في بعض مواقفه ، وقد أرخى الليلُ سدولَه ، وغارت نجومَه ، قابضاً على لحيته ، يتململُ تململَ السَّليم ، ويبكي بكاء الحزين ، ويقول : يا دنيا غُرِّي غيري ، أبي تَعرضَّتِ أمْ إليَّ تَشوَّفتِ .

هيهات هيهات قد باينتُك ثلاثاً لا رجعة لي فيها ، فعُمرك قصير وخطرك حقير .

آه من قلة الزاد وبعد السفر ووحشة الطريق .

وشهدوا من معاوية بعد هذا الوصف نزف دموعه على لحيته وقوله : رحم الله أبا حسن كان والله كذلك .

وسمعوا جواب ضرار حين سأله معاوية : عن مدى حزنه على علي .

قال : حزن من ذبح ولدها في حجرها . (115)

وشهد الناس الحسن(ع) في سيرته الشخصية إماماً أيضا على سمت أبيه :

وشهد الناس خلال هذه السنوات العشر من ولده الحسن(ع) أيضا إماماً هادياً على سمت أبيه وعرفوا عنه أنه حج خمسة عشر أو عشرين حجة ماشياً والنجائب تقاد بين يديه . (116)

وهذا حفيده من ابنته الإمام الصادق(ع) يصف عبادة جده الحسن(ع) قال حدثني أبي عن أبيه(عيهما السلام) أن الحسن بن علي بن أبي طالب(عليهم السلام) :

كان أعبد الناس في زمانه ، وأزهدهم وأفضلهم ،

وكان إذا حج حج ماشيا ، وربما مشى حافيا ،

وكان إذا ذكر الموت بكى ، وإذا ذكر القبر بكى ، وإذا ذكر البعث والنشور بكى ، وإذا ذكر الممر على الصراط بكى ، وإذا ذكر العرض على الله تعالى ذكره شهق شهقة يغشى عليه منها .

وكان إذا قام في صلاته ترتعد فرائصه بين يدي ربه عز وجل ،

وكان إذا ذكر الجنة والنار اضطرب اضطراب السليم ، وسأل الله تعالى الجنة ، وتعوذ به من النار ،

وكان لا يقرأ من كتاب الله عز وجل : (يا أيها الذين آمنوا) إلا قال : لبيك اللهم لبيك ، ولم ير في شيء من أحواله إلا ذاكرا لله سبحانه ،

وكان أصدق الناس لهجة ، وأفصحهم منطقا . (117)

انتشار سنة النبي (ص) لدى أهل البلاد المفتوحة شرقاً وغرباً بفضل مشروع علي (ص) وصلح الحسن (ص):

وهكذا انتشرت ثقافة الولاء لأهل البيت التي أسسها الكتاب والسنة في مسلمة الفتوح في اهل الشام ، ومن ثم تجانست ثقافتهم مع مسلمة الفتوح في الشرق وعادوا أمة واحدة في الواقع السياسي تحكمهم دولة واحدة هي دولة الكتاب والسنة فقط من دون اجتهادات الخليفتين وعلى مستوى واحد من المعرفة بحديث الغدير وحديث الثقلين وحديث المنزلة وغيرها من النصوص التي تؤسس الأمامة الإلهية لأهل البيت (عليهم السلام) وأولهم علي(ع) أخذ بها من شاء وتركها من شاء ، شأنهم شأن المعاصرين للنبي (ص) . عملاً بقاعدة (لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ) البقرة/256 التي أسسها النبي (ص) في المعتقد .

وكانت الفترة التي استغرقتها نهضة علي(ع) من أيام الحج سنة 27 هجرية إلى وفاة ولده الحسن(ع) مسموماً نهاية سنة 50 هـ لإحياء سنة النبي (ص) ونشرها كثقافة في الأمة الإسلامية ثلاث وعشرين سنة ، وهي نظير الفترة التي استغرقتها مهمة نشر احكام الاسلام وعقيدته منذ بعثة النبي (ص) إلى يوم الثامن عشر من ذي الحجة يوم بلغ النبي (ص) أمته في غدير خم بولاية علي(ع) الإلهية .

وكانت السنوات من سنة 41 هجرية الى سنة 50 هجرية من اروع سنوات الامة الاسلامية على الاطلاق بعد سنوات النبي (ص) في المدينة وسنوات علي .(ع) حين بويع حيث الامان والحرية في التعبد والتعبير عن المعتقد .

اما اهل العراق فقد تاكد لديهم من تجربة الصلح لعشر سنوات عمق حكمة الحسن .(ع) حين راوا اثارها وحين راوا منه ما لم يشهدوا نظيره من اتباع ولد لابويه باحسان فقد وظف الحسن .(ع) الملكَ الذي بيده لخدمة مشروع ابيه وجده وهما بعضهما من بعض فصار بذلك هو منهما وعلى نهجهما ، ان صلح الحسن .(ع) بتسليمه الملك المستقر لمعاوية وقد اقره عليه هو اكبر شهادة على رسالية الحسن وانه من ابويه وهو منهما رساليا (ذرية بعضها من بعض) .

 

الفصل الرابع

مسار ثقافة الامة المسلمة
لخمسين سنة من تأسيسها

 

ثقافة التاسيس النبوي تقوم على ولاية الله وولاية رسوله ووولاية اهل بيته واولهم علي والهدم القرآني لامامة قريش الدينية المشركة وامامة اهل الكتاب .

ثقافة الانقلاب القرشي الاول 11 إلى 27 هجرية تقوم على ان الامامة الدينية والسياسية بعد النبي (ص) في بطون قريش والانفتاح المطلق على ثقافة اهل الكتاب المحرفة على (ان العرب لن تعرف هذا الامر في غير قريش) . وقد تحقق ذلك من بعد وفاة النبي (ص) في صفر سنة 11ه‍ الى مقتل عثمان في 18من شهر ذي الحجة سنة 35ه‍ أي مدة ربع قرن كاملة . 0وقد فتحت البلاد شرقا وغربا على هذه الثقافة ولم تسمح السلطة لغيرها من الظهور على الساحة والتداول العلني .

ثقافة نهضة علي(ع) : تقوم على العودة الى الكتاب والسنة والتعددية المذهبية «ما كنت لادع سنة رسول الله لقول احد من الناس» . وقد تحقق ذلك بوضوح في النصف الشرقي من البلاد الاسلامية في عهد حكم علي(ع) مدة خمس سنوات الى الاثلاثة شهور من 18ذي الحجة الى 7 صفر او ربيع الاول سنة 5 هجرية سنة وفاة الامام الحسن ثم انفتح النصف الغربي من سنة 41 ه‍ بعد الصلح كما سياتي . .

ثقافة انشقاق معاوية تقوم على الكذب على الله ورسوله بان عليا ملحد في الدين يجب لعنه وقتاله وقد تحقق ذلك مدة خمس سنوات في عهد علي مدة الانشقاق على علي(ع) والحرب ضده .

ثقافة صلح الحسن توسعت رقعة ثقافة نهضة علي العودة الى الكتاب والسنة فقط ونشر سيرة علي في العراق وقد تحقق ذلك مدة عشر سنوات من سنة 41‍ هجرية سنة الصلح الى سنة 50 هجري سنة وفاة الامام الحسن(ع) .

ثقافة الانقلاب القرشي الثاني بقيادة معاوية (ثقافة الكذب على الله وعلى رسوله) (كتاب الله وطاعة خليفة الله من بني امية ولعن علي(ع) بصفته ملحدا في الدين ووضع روايات كذب في ذلك وارهاب شيعة علي بكل وسيلة) . شرق الاض وغربها وعدم السماح للراي الاخر بالظهور العلني بل معاقبة من يعرف عنه ذلك او يتهم به .

ثقافة النهضة الحسينية والشهادة الحسينية العودة الى ثقفاة مشروع علي والحسن وعادت للعراقيين حريتهم في اظهار ولائهم لعلي وعنهم انتشر المشروع من جديد في العالم وبقيت الشام في قبال ذلك على ثقافة معاوية الا في فترات وفي اماكن محدودة منها جبل عامل في لبنان .

وفي الآتي شرح مختصر لهذه النقاط الثمانية :

1 . ثقافة المجتمع الاسلامي
من سنة 13ق . م الى سنة 10هجرية .

اسس النبي (ص) المجتمع الاسلامي على نفي عبادة الاصنام وهدم امامة قريش الدينية ونسخ قراءة التوراة للثواب وهدم امامة اهل الكتاب الدينية وقبول قصصهم عن الانبياء بعد عرضها على القرآن والسنة ، ، واثبات عبادة الله تعالى والتعبد بتلاوة القرآن واطاعة فيما يبينه من سنته واطاعة اهل بيته واولهم على(ع) فيما يبينونه من سنة نبيه .

ارجع مقام ابراهيم الى مكانه الاول ملاصقا لجدار الكعبة ،

هدم البدع التي ادخلتها قريش في الجاهلية ، وادخل العمرة في الحج الى الابد .

ساوى بين الناس في العطاء وساواهم في الفروج فالمؤمن كفء المؤمنة .

نهاهم عن الجماعة في صلاة التطوع في شهر رمضان .

جاءهم بالاذان وفيه فصل حي على خير العمل .

امرهم بتدوين الحديث لما سالوه وقال لهم ما يخرج من فيه (فمه) الا الحق .

امرهم بنشر سنته بقوله (رحم الله من بلغ عني فرب حامل فقه الى من هو افقه) .

نهاهم عن قراءة التوراة واسفارها للتثقف بها وقال لهم : امتهوكون انتم والله لو كان موسى حيا لما وسعه الا ان يتبعني .

اوصاهم بالقرآن وباهل بيته وامرهم بان يتولو عليا والائمة من ولده(ع) كتوليهم له .

2 . ثقافة الانقلاب القرشي الاول
11هجرية إلى 35هجرية .

انقلبت قريش المسلمة على علي (ص) تحت شعار ان العرب لاتعرف هذا الامر في غير قريش واقصت عليا (ع) عن موقعه الذي نصبه الله تعالى فيه علما للناس ، وادعت لنفسها خلافة النبي (ص) في الامامة الدينية .

فنهت عن رواية سنة النبي واحرقت ما كتبه الصحابة منها زمن النبي (ص) وبعده ،

ونهت عن عمرة التمتع (متعة الحج) التي شرعها لله في كتابه وبين النبي (ص) احكامها

ونهت عن سنن اخرى ،

وارجعت مقام ابراهيم الى مكانه في الجاهلية .

وابتدعت بدعا في الدين فامرت بصلاة النافلة (صلاة التراويح) وقد نهى النبي عنها ،

وامروا بالتكتف في الصلاة ،

واسقطوا «حي على خير العمل» من الاذان ووضع محلها الصلاة خير من النوم ،

وفاضلوا في العطاء

وفاضلوا في الفروج ،

ففضلوا قريشا على غيرهم والعرب على العجم .

وفسحوا المجال لعلماء مسلمة اهل الكتاب /كعب الاحبار وتميم الداري وعبد الله بن سلام / ان ينشروا قصص التوراة المحرفة في الخلق كخلق ادم على صورة الله جل وعلا ، وسير الانبياء كقصة ملك الموت مع موسى ، وقصة داود مع اوريا . وغيرها مما ادخل عقيدة التجسيم في الله وشوهت تنزيه الانبياء .

3 . ثقافة مشروع نهضة علي(ع) في ذي القعدة سنة 27هـ الى شهر رمضان سنة 40هـ العودة الى الكتاب والسنة والتعددية المذهبية تحت شعار (ما كنت لادع سنة رسول الله لقول احد من الناس) :

نهض علي(ع) في ذي القعدة سنة 27هجرية لاعادة ثقافة الكتاب والسنة تحت شعار «ما كنت لادع سنة رسول الله لقول احد من الناس» بادئا بمتعة الحج التي منعت منها الخلافة القرشية ونشر احاديث النبي فيه وفي اهل بيته ، ونصره في مشروعه ابو ذر وعمار ومقداد والانصار ومالك الاشتر واستضعفت دولة عثمان الناهضين مع علي نفيا وسجنا ، ولما قتلت قريش المنشقة عثمان بايعت الجماهير عليا(ع) ليواصل مشروعه الاحيائي للسنة ،

ومنع علي(ع) من تداول روايات كعب الاحبار في قصة داود وغيرها ،

وشجع الناس على تداول احاديث النبي وكتابتها عنه وعن غيره من حملتها

واحيا التسوية في العطاء والتكافؤ في الفروج .

وحاول منع الناس في الكوفة في ايامه الاولى من اقامة صلاة التراويح فلم يستتجيبوا له فكان الامر يدور بين ان يستعمل سلطة الحكم كما استخدمها الخلفاء من قريش في فرض ارائهم او يترك الناس واختيارهم وهذا هو الذي اختاره ، فأحيا ظاهرة التعددية في العبادة التي اسسها رسول الله فانه (ص) حين قصد مكة ليفتحها في شهر رمضان افطر في المسير وبقي بعض اصحابه صائمين وقد اجهدهم العطش ولم يستخدم القوة كحاكم ليجبرهم على الافطار بل اكتفى بقوله : اولئك هم العصاة .

وترك مقام ابراهيم على حاله لانه يعلم ان اهل مكة قاطبة سوف لن يطيعوه ، فتركه لولده المهدي(ع) عند ظهوره في اخر الزمان .

4 . ثقافة اهل الشام ايام علي(ع) :
35هـ إلى 40هـ :

حجز معاوية اهل الشام عن التاثر بمشروع علي(ع) الاحيائي للسنة او التعرف على اخبار سيرته الصحيحة من خلال الحرب والاعلام الكاذب ، فازدادوا جهلا بعلي(ع) ، فهم ليسوا فقط لا يعرفون موقع علي(ع) في الاسلام ولا احاديث النبي (ص) فيه بل هم في هذه السنوات ومن خلال قصص القصاصين كانوا يتلقون قصصا كاذبة في حق علي(ع) ، فهو لا يصلي ، وانه سرق والنبي قطع يده ، وان النبي (ص) قال فيه وفي ابيه (ان ال بي طالب ليسوا لي باولياء) ، وان دم عثمان عنده وانه افسد في دين محمد (ص) ، من ثم فهم يلعنونه ويستحلون قتله . ويبغضون اهل العراق لانهم انصار علي(ع) على افساده في الدين ، والى جانب ذلك فهو يدينون بامامة قريش المسلمة وان دين محمد (ص) يؤخذ منها ، وان طاعة الخليفة تقرب الى الله تعالى وان معصيته تبعد عنه . وان ثقافة الاسلام عن الانبياء السابقين هو ما بثه كعب الاحبار وتميم الداري .

5 . ثقافة اهل الشام في السنوات 41هـ الى 50هـ :

تغيرت رؤية اهل الشام عن الحسن وابيه علي(ع) والعراقيين فانهم ما كانوا يتوقعون هذه الشفافية التي يتمتع بها الحسن(ع) واهل العراق حين قدموا اختيار اهل الشام على اهل العراق لمعالجة اكبر ازمة عاشتها الامة المسلمة ، وحين عرفوا الشروط التي اشترطها الحسن(ع) قد ضمنت مصالح اهل العراق ولم تمس مصالح اهل الشام بشيء ،

ثم حصلت المفاجأة الكبرى لهم حين عرفوا ان معاوية وافق على الحكم بكتاب الله وسنة النبي من دون سيرة الشيخين لانها اجتهادات شخصية ،

وان عليا(ع) كان قد عرض عليه الملك في الشورى السداسية قبل عثمان فرفضها لانها ليست من الدين ، وقبلها عثمان ،

وحين عرفوا ان الذي ثار على عثمان هم قريش المسلمة طلحة والزبير وعائشة وعبد الرحمن بن عوف وعمرو بن العاص وان عليا برئ من دم عثمان ، فادركوا ان عليا قد ظلمه معاوية وانهم ظلموا اهل العراق بقتالهم اياهم ،

وكانت المفاجأه اكبر حين عرفوا ان النبي (ص) قد اوصى الى علي (ع) ، وانه الامام الهادي بعد النبي (ص) ، ولم يكن ذلك قائما على مجرد اخبار من العراقيين بل هم يشهدون ذلك في حوارات يومية او ينقلها لهم رؤساؤهم عند معاوية .

لقد اتضح لاهل الشام بما لا يكون معه شك سواء من خلال وفود العراقيين الى الشام الذين كان معاوية يستضيفهم ويكرمهم ، او من خلال اختلاطهم معهم في موسم الحج والعمرة ، ان الحج له صيغتان والصلاة لها صيغتان والوضوء له صيغتان ، صيغة جاء بها النبي (ص) وصيغة اجتهادية من الخلفاء ، ولكن الالفة والعادة جعلتهم يبقون على ما تربوا عليه سابقا وقاعدة (الانسان على ما عُوِّدَ) (والناس على دين ملوكهم) (118) . فان معاوية كشخص بقي يتعبد على طريقة سلفه عثمان ،

وقد استمرت هذه اللقاءات والمعايشة مدة عشر سنوات ثم انتهت كحلم ليعودوا الى ثقافتهم السابقة في لعن علي(ع) وتولي معاوية وبني امية واسلافهم بعد وفاة الحسن وغدر صاحبهم .

6 . ثقافة الامة على عهد الدولة الاموية
51هـ إلى 132هـ (81 سنة) :

لم يَرُق لمعاوية ان يتعرف اهل الشام على علي(ع) وعظيم موقعه في دين ابراهيم في الجاهلية والاسلام ، وعلى تاريخه وتاريخ اهل بيته في الجاهلية والاسلام قبل الفتح ، وانهم طلقاء رسول الله ، وكيف لطليق ان يساوي عليا(ع) وله من النبي (ص) (موقع ومنزلة هارون من موسى) التي يقرأونها في القرآن ويسمعون ما يصدقها من الصحابة الذين يروون تاريخ علي(ع) ، فقرر معاوية دفن ذلك وتاسيس تاريخ جديد له ولاهل بيته ولعلي واهل بيته(ع) قوامه الكذب وانتحال ما لعلي(ع) من سابقة وجعلها له ولاهل بيته وللخلفاء من قريش مما يسوغ ولايتهم والترحم عليهم والافتراء على علي واهل بيته(ع) مايسوغ لعنهم ومعاداتهم ليس فقط في الشام بل في الامة كلها . وشعاره في ذلك لا والله الا دفنا دفنا(119) . وهكذاكان امره حين كتب الى عماله في الامصار .

قال المدائني : (كتب معاوية الى قضاته وولاته في الامصار ان لا يجيزوا لاحد من شيعة علي الذين يروون فضله ويتحدثون بمناقبه شهادة . ثم كتب ايضاً : انظروا من قامت عليه البينة انه يحب علياً واهل بيته فامحوه من الديوان . ثم كتب كتابا آخر من اتهمتموه ولم تقم عليه بينة فأقتلوه ! . ثم كتب : (أن برئت الذمَّة ممَّن روى شيئاً من فضل أبي تراب وأهل بيته) ثم كتب إلى عُمَّاله : (إنَّ الحديث في عثمان قد كَثُر وفَشا في كل مِصر وفي كل وجه وناحية فإذا جاءكم كتابي هذا فأدعوا الناس إلى الرواية في فضائل الصحابة والخلفاء الأوّلين ولا تتركوا خبراً يرويه أحد من المسلمين في أبي تراب إلاَّ وتأتوني بمناقض له في الصحابة فإنَّ هذا أحبُّ إلىَّ وأقرُّ لعيني وأدحض لِحُجَّة أبي تراب وشيعته وأشدُّ عليهم من مناقب عثمان وفضله) . فقُرئت كتبه على الناس فرُويت أخبار كثيرة في مناقب الصحابة مفتعلة لا حقيقة لها . حتى انتقلت تلك الأخبار والأحاديث إلى أيدي الديانين الذين لا يستحلون الكذب والبهتان فقبلوه ورووها وهم يظنون إنها حق ، ولو علموا إنها باطلة لما رووها ولا تدينوا بها(120) . وتربى على ذلك الجيل الجديد من المسلمين شرق الارض وغربها الا من رحم ربك .

7 . شهادة الحسين(ع) وظلامته تفتح الطريق لثقافة مشروع علي(ع) سنة 61هـ :

اقام الحسين(ع) سنة 58هـ قبل موت معاوية بسنتين مؤتمرا فكريا سريا لشيعة علي(ع) من الصحابة والتابعين وحثهم على العمل خفية لنشر ثقافة مشروع علي في الكوفة والبصرة ، ثم نهض بعد موت معاوية ليعلن عنها ويحث الامة على القيام ضد بني امية واستشهد في سبيل ذلك ، ثم استطاع سليمان بن صرد والمختار ان يؤسسا دولة في الكوفة على نهج علي ومن ثم عادت ثقافة مشروع علي(ع) في الكوفة وحاول الزبيريون بعد قتل المختار ومن بعدهم الحجاح والي عبد الملك ان يستأصلا هذه الثقافة وحملتها من الكوفة فلم يستطيعا وفي عهد عمر بن العزيز وبعده اتيح المجال للامام الباقر(ع) ثم الامام الصادق(ع) ان ينهضا بتربية الجيل الجديد من الشيعة على ثقافة مشروع علي(ع) من خلال ما لديهم من المواريث النبوية التي كتبها علي(ع) بخط يده سرا ثم انطلق المشروع علنا بعد سقوط الامويين ومجئ بني العباس وعمل العباسيون على محاصرة الكوفة بصفتها مركزا لنشر ثقافة مشروع علي(ع) الاحيائي للسنة وبعد انتهاء ملكهم انطلقت بالمشروع وواقعها اليوم يعبر عن استمرار هذه الانطلاقة وتراكمها وسوف تبقى بحول الله الى تحقيق الله وعده بظهور وليه واستقراره فيها . .

 

 

8 . بقيت الشام بعد شهادة الحسين(ع)
مركزا لثقافة المشروع الاموي
و التولي لمعاوية والنصب لعلي(ع) :

بقيت الشام بعد شهادة الحسين(ع) مركزا لمشروع الثقافة الاموية شعارها الاساس تولي معاوية وعداوة علي حتى بعد سقوط الدولة الاموية وقيام الدولة العباسية يتضح ذلك من خلال محاولة الامام النسائي (ت303هـ) هدايتهم (لما سئل عن سبب تصنيف كتابه الخصائص) في فضائل الامام علي(ع) قال : (دخلت دمشق والمنحرف بها عن علي كثير ، وصنفت كتاب الخصائص رجاء أن يهديهم الله) (121) . ويبدو ان طابعها العام هذا سوف يعلن عن نفسه زمن السفياني في اخر الزمان حين يبعث بغاراته لغزو الكوفة احياءا لامر السفياني الاول ولكنه في هذه المرة تبوء كل محاولاته بالفشل ويابى الله الا ان يتم نوره ويظهر مشروع علي في احياء الكتاب والسنة على المشاريع كلها ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله . نعم لابد من ذكر جبل عامل وهو جزء من الشام في الجغرافية القديمة بقي على التشيع منذ ان زرعه فيه ابو ذر لما نفاه عثمان الى الشام وواقعه اليوم يعبر عن تراكم الانطلاقة والروايات تبشر ببقائها الى ظهور الامام المهدي(ع) .

 

الفصل الخامس

مقارنة بين مراحل سير مشروع النبوة
ومشروع الامامة في هداية الامة

 

ان مشروع علي والحسن والحسين(ع) امتداد لمشروع النبي (ص) وكلا المشروعين بعضهما من بعض ، كان مشروع النبي (ص) بتكليف الهي لاحياء دين ابراهيم(ع) الذي تصرفت فيه قريش المشركة بتعديل وتبديل بعد وفاة عبد المطلب . وكان مشروع علي وولديه الحسنين بتكليف من الله (122)بواسطة رسوله لاحياء سنة النبي التي تصرفت فيها قريش المسلمة بتعديل وتبديل بعد وفاة النبي (ص) .

وقد مر مشروع تبليغ الرسالة على يد النبي (ص) بمراحل هي :

الاولى مرحلة الصدع والاعلان عن المشروع الرسالة .

الثانية مرحلة استضعاف قريش المشركة لمن امن بالرسالة .

الثالثة مرحلة بيعة الانصار للنبي (ص) على النصرة ،

الرابعة مرحلة مبادرة قريش بالحرب في بدر واحد ، امتدادها حرب الخندق ودخول طرف اخر هم اليهود في اطراف المدينة .

الخامسة مرحلة الصلح مع قريش لانهاء الوضع المتشنج في المنطقة والفتح المبين لمشروع النبوة في مكة . .

السادسة مرحلة غدر قريش ونقضها للعهود .

السابعة مرحلة فتح مكة لمشروع النبي الى الابد .

وكذلك مشروع علي(ع) وولديه الحسن والحسين :

الاولى مرحلة الصدع والاعلان عن احياء حج التمتع .

الثانية مرحلة استضاف دولة عثمان لمن آزر عليا(ع) على مشروعه الاحيائي للسنة .

الثالثة مرحلة بيعة الانصار على النصرة بعد ان قتلت قريش المنشقة الخليفة عثمان .

الرابعة مرحلة مبادرة قريش المسلمة الحرب ضد علي(ع) في الجمل وصفين ثم امتدادها الغارات ودخول طرف ثالث وهم الخوارج في اطراف الكوفة (واستشهاد امير المؤمنين وقيام ولده الحسن مكانه) .

الخامسة مرحلة صلح الحسن مع معاوية لانهاء الانشقاق والفتح المبين لمشروع علي في الشام .

السادسة مرحلة نقض العهود من معاوية .

السابعة مرحلة فتح الطريق لمشروع علي في الامة ابد الدهر . وهذا الفتح على مرحلتين الاولى : الفتح الفكري وظهور سنة النبي التي كتبها علي عن النبي في قبال التطويق في المجتمع بالكذب واللعن وقد انتهى الى غير رجعة بسقوط دولة بني امية وظهور كذبها في علي وانطلق الائمة الثمانية من ذرية الحسين ينشرون علم علي ويثقفون شيعته به ، الثانية الفتح المادي لاقامة دولة علي في الدنيا كلها وهي موكولة الى ولده المهدي التاسع من ذرية الحسين(ع) في آخر الزمان .

وفي الآتي جدول مقارن بهذا الخلاصة :

مشروع النبي (ص) الرسالي مشروع علي وولديه الحسن والحسين(عليهم السلام)
1. الخلفية بعد وفاة عبد المطلب انتحلت قريش موقع الخلافة السياسية والامامة الدينية لقصي ولقب ال الله الذي اختص به عبد المطلب تكوينيا بعد حفر زمزم وحادثة الفيل ، واقرت العرب لها بذلك ، وابتدعت في دين ابراهيم عبادة الاصنام وسدانتها وبدعة الحمس في الحج واحكامه وحرمة الاتيان بالعمرة في اشهر الحج والطواف بثياب قرشي التي تؤكد الامامة الدينية لقريش ودانت لها العرب بذلك . بعد وفاة النبي انتحلت قريش المسلمة لقب (خلافة النبي السياسية والامامة الدينية) التي خصها القرآن والنبي باهل بيت النبي واولهم علي ، واقرت الانصار لهم بذلك ، وابتدعت في دين محمد بدعا منها تحريم متعة الحج التي امر بها النبي (ص) والتمييز بالعطاء وجعل التطليقات الثلاث تحصل بمرة واحدة وتغيير مقام ابراهيم ومنعت من تداول تفسير القرآن والاحاديث النبوية التي تؤسس الخلافة السياسية والامامة الدينية لأهل بيته وفسح المجال لنشر قصص ومواعظ التوراة المحرفة التي نهى عنها النبي (ص) وفتحت البلدان وتربى مسلمة الفتوح على ذلك .
2. الهدف بعث الله نبيه محمدا (ص) سنة 13ق. ه‍ لإحياء توحيد ابراهيم وتحرير بيته من الاصنام ودينه من بدعة الحمس التي ابتدعتها قريش المشركة في الحج واحكامه وحرمة الاتيان بالعمرة في اشهر الحج وغير ذلك بعد وفاة عبد المطلب وتبليغ القرآن الذي اسس الامامة الدينية لاهل بيت النبي ونشر احاديث النبي التي اسست الخلافة السياسية لعلي فضلا عن امامته الدينية . نهض علي بوصية من النبي في ذي القعدة سنة 27ه‍ زمن الخليفة عثمان لإحياء حج التمتع ونشر احاديث النبي (ص) التي تؤسس لإمامة اهل بيته ، كحديث الثقلين وحديث الغدير وحديث السفينة وحديث المنزلة وحديث الكساء وغيرها مما كانت الخلافة القرشية قد منعت من نشرها وتداولها علنا بعد وفاة النبي (ص).
3. مراحل السير
المرحلة الاولى المرحلة السرية لإعداد الكادر الذي يحمي النبي عند اعلان المشروع في مكة وهم بنو هاشم . المرحلة السرية لإعداد الكادر وهم الصحابة المخلصون الذي اعدهم النبي (ص) لعلي وقد عرفوا زمن النبي بشيعة علي كابي ذر وعمار و نظرائهم .
المرحلة الثانية اعلان المشروع في المجتمع واستضعاف بني هاشم والمسلمين اعلان المشروع في المجتمع ونفي ابي ذر الى الشام ثم الى الربذة ، ونفي غيره وضرب عمار وغيره .
المرحلة الثالثة البيعة والنصرة والهجرة الى المدينة. البيعة والنصرة والهجرة الى العراق .
المرحلة الرابعةالمواجهة العسكرية والاعلام الكاذب فرضت قريش المشركة على النبي (ص) بعد بيعة اهل المدينة له حربين ظالمتين ، الاولى في بدر وكان النصر فيها للنبي ، الثانية في احد وقد خسر فيها بسبب معصية نفر من اصحابه لأمره حين تركوا مواقعهم طمعا في الغنيمة .افرزت الحربان اعلاما كاذبا من قريش طوقت النبي (ص) بتهمة انتهاك حرمة البيت الحرام والاعتداء على القوافل التجارية الامنة لقريش وسفك الدم الحرام في الشهر الحرام . فرضت قريش المسلمة على علي(ع) بعد بيعة اهل المدينة له حربين ظالمتين الاولى في البصرة وكان النصر المؤزر فيها له ، الثانية في صفين وقد خسر فيها بسبب معصية قسم من جيشه لأمره في استمرار القتال حين رفع معاوية المصاحف وطلب توقيف القتال .افرزت الحربان اعلاما امويا كاذبا طوَّق عليا بتهمة طلب الملك بتلك الحربين وانه اوى قتلة عثمان واستعان بهم وانه افسد في الدين .
استطاعت قريش المشركة بقيادة ابي سفيان ان تحشد عشرة الاف مقاتل /الاحزاب/ قصدوا المدينة لارعاب اهلها ليتخلوا عن محمد (ص) وصمد اهل المدينة وهزمت الاحزاب شر هزيمة وجعلها الله تعالى للنبي (ص) اية وازدادت ثقة المسلمين به . استطاعت قريش المسلمة بقيادة معاوية بن ابي سفيان ان يحول جيش الشام الى سرايا تغير على اطراف علي لتنهب وتقتل لارعاب شيعة علي ليتخلوا عنه كما استطاعت ان تقتطع مصر عن علي(ع) وصمد اهل العراق مع علي(ع) .وخرج الخوارج على علي وانتصر عليهم في النهروان وجعلها الله تعالى اية له وازدادت بصيرة اصحابه به .
المرحلة الخامسةالصلح كانت القبائل العربية في الجزيرة قد تعاقدت مع هاشم على تامين قوافل قريش بصفتهم سكان البيت الحرام ثم شهدت قصة الفيل وصدقت اعلام قريش بعد عبد المطلب انها ال الله ، ثم تابع اغلبها قريشا على بدعة الحمس وما احدثته في احكام الحج واهمها الطواف بثياب قرشي مما يدل على طهارته وقربه من الله وبظهور النبي وحرب بدر واحد نجحت في عزل هذه القبائل عن التاثر بمحمد بكونه قد انتهك حرمة البيت واعتدى على قريش ومن ثم وجب معاونتها في قتاله وكانت حرب الاحزاب كل ذلك ادى الى تحجيم مشروعه التبليغي في المدينة وما حولها . كان اهل الشام بصفتهم مسلمة الفتوح يعتقدون ان معاوية وسلفه الخلفاء ورثة النبوة وانهم حملوا راية الاسلام للشعوب ودانت هذه الشعوب بسيرة الشيخين ثم تولت عثمان الذي التزم سيرة الشيخين ، ثم جاء الاعلام الاموي ضد علي وعبأهم ضده وعزلهم عن الاختلاط باهل العراق بالحروب ، وبعد شهادة علي بايع اهل الشام معاوية على نهج عثمان وبذلك صار معاوية وارثا لخط الخلافة القرشية التي ورثت النبوة في قبال مشروع علي(ع) الذي عرضه الاعلام الاموي انه مفسد في الدين قد اوى قتلة عثمان ليستعين بهم في تحقيق الملك الذي يطلبه ومن ثم وجب قتاله ، ما ادى الى تحجيم مشروعه التبليغي في العراق والبلاد التابعة له مثل مكة اليمن وايران .استشهد علي(ع)وهو يجهز اصحابه لقتال اهل الشام لوضع حد لغاراتهم بايع اهل العراق الحسن على الكتاب والسنة على نهج ابيه وبايع اهل الشام معاوية على العمل بسيرة الشيخين على نهج عثمان وبادر معاوية يطلب الصلح من الحسن ان يبقى كل على بلده الذي بايعه وحقن الدماء ليؤكد المكاسب التي حققها في الشام ويأخذ نفسه ليعيد الكرة فيما بعد للإجهاز على تجربة علي .
ان النبي (ص) ازاء هذا المعتقد والتعبئة والتطويق للقبائل لصيانتها من التأثر بمشروعه الالهي كان لابد له من عمل يقوم به يؤدي كسر الطوق عن القبائل وفضح قريش لديها بانها هي المعتدية وان محمدا (ص) يعظم البيت ويطلب السلم وانه نبي قد بعث لإحياء دين ابراهيم وتحرير الحج من بدع قريش . ان الحسن(ع) ازاء مبادرة معاوية في الصلح التي تكرس الانشقاق وتحافظ على جهل اهل الشام بحقيقة الخلافة القرشية وبحقيقة نهضة علي ، لابد له من مبادرة في قبالها تؤدي الى معالجة الانشقاق وتفضح معاوية لدى اهل الشام وتكشف عن حقانية علي وظلامته وامامته الالهية بعد الرسول (ص) وان سيرته هي عين سيرة النبي (ص) وان الخلفاء الذين استند اليهم معاوية كانوا قد منعوا نشر سنة النبي والعمل بها وان عليا قد احياها بنهضته .
ولا يوجد الا عمل واحد يحقق له ذلك وهو المبادرة بالعمرة في اشهر الحج حيث تتوافد القبائل نحو مكة للحج ، وتلبس محمد واصحابه بالإحرام يعني ان محمدا ومن معه جاءوا مسالمين ، كما ان سوق الهدي معهم يفرض ان يكون النحر في مكة وهو يستلزم الصلح مع اهل مكة لانها دارهم ، ولا توجد الا صياغة واحدة تحقق للحسن ذلك وهي ان يبادر الحسن بالتنازل المشروط عن ملك العراق لمعاوية لتكون الامة واحدة ويختلط اهل العراق باهل الشام من موقع المحبة والاحترام ، لان هذه الصيغة سوف تكشف رغبة متناهية عند الحسن في تحقيق الصلح ومعالجة الانشقاق حين قدم اختيار اهل الشام على اختبار اهل العراق وحين ربط الحكم والشروط بالكتاب والسنة فقط وحين وافق اهل العراق على صياغة امامهم .
و هذه المبادرة تفضح قريشا المشركة وعلى راسها ابو سفيان عند حلفائها وتظهر حقانية محمد (ص) سواء وافقت على الصلح وسمحت لمحمد ان يؤدي نسكه او رفضت الصلح ورفضت ان يدخل النبي مكة ليؤدي مناسكه وهذه المبادرة الحسنية تفضح قريشا الاموية وعلى راسها معاوية بن ابي سفيان عند اهل الشام ، وتظهر حقانية علي ، فهو ان رفضها صار ملوما عند اصحابه وعرفوا انه لم يكن جديا في عرضه الصلح على الحسن وانه مصر على الحرب ، وان وافق عليها فانه سوف يفتضح حين يختلط اهل الشام باهل العراق ويسمعون الحقيقة من اصحاب النبي فيه وفي علي وفي الخلفاء .
وافقت قريش على الصلح واشترطت متعسفة ان يرجع محمد تلك السنة ، ووافق محمد (ص) على شروطها التعسفية وكشف لحلفاء قريش انه مصر على تحقيق الصلح والامان ، وتحقق لحلفائها انها كانت تكذب عليهم في محمد (ص) وانه نبي حق ودعوته حق تدعو كل عاقل الى تصديقه . وازداد عدد المسلمين الى اضعاف /الفتح المبين/ . وافق معاوية على اطروحة الحسن وعرف اهل الشام الحقيقة في معاوية وفي علي . ان معاوية يطلب الملك بدليل موافقته عليه بشرط الامن لمن ادعى فيهم انهم قتلة عثمان ، وان عليا لم يكن طالب ملك بدليل انه رفضه لما عرض عليه بشروط تخالف سنة النبي وعرفوا لما انتشرت فيه احاديث النبي في حق علي انه الامام الهادي بعده وان قد لعنه النبي ولعن اباه ، وعرفوا وان عليا احيا السنة ولم يفسد في دين محمد (ص) وان الخلفاء قد اخطأوا في سيرتهم وان عليا كان محقا في حروبه الثلاثة وانتشرت احاديث النبي فيه وفيه معاوية في الشام كلها وهو الفتح المبين لعلي في الشام .
المرحلة السادسة : الغدرالمبين نقضت قريش عهودها مع النبي بعد سنتين ونصرت قبيلة بكر من حلفائها على خزاعة من حلفاء النبي (ص) . وسفكت الدم الحرام . نقض معاوية عهوده مع الحسن بعد عشر سنوات وغدر به حين دس له السم وحين اعاد الاعلام الكاذب في علي ومنع من ذكر احاديث النبي فيه ووضع احاديث في ذمه لتسوِّغ لعنه والبراءة منه ووضع احاديث في مدح بني امية لتسوغ ولايتهم ، وعاقب اهل العراق على ولائهم لعلي ومحبته لهم عقوبة لم يجر مثيلها في تاريخ الاسلام ثم عين ولده يزيد خليفة من بعده واخذ البيعة له بالقهر والقوة .
المرحلة السابعة : الفتح ابد الدهر فتح النبي (ص) مكة الى الابد لمشروعه حين دخل مكة فاتحا وحرر بيت ابراهيم من الاصنام ومن بدعة الحمس ليعلن فيها التوحيد والشهادة لمحمد بالرسالة ابد الدهر وخلف من بعده في امته الكتاب والعترة لا يفترقان ابد الدهر من تمسك بهما عصم من الضلالة . فتح الحسين(ع) الطريق الى امامة علي(ع) في الامة الى الابد بنهضته وشهادته واهل بيته واصحابه حين فتح الطريق للثورة على الامويين سقوطهم بعد سبعين سنة وسقطت بسقوطهم سياسة لعن علي(ع) واستقرت احاديث النبي (ص) فيه في المجتمع وانطلق مشروعه الاحيائي لسنة النبي وخلف فيهم التسعة من ذريته من اخذ عنهم هدي وعصم من الضلالة .

 

 

(1) العرب ص78 .

(2) قال عبد الرحمن بدوي في موسوعته عن المستشرقين ، لامنس : مستشرق بلجيكي ، وراهب يسوعي شديد التعصب ضد الإسلام ، يفتقر إفتقاراً تاماً إلى النـزاهة في البحث والأمانة في نقل النصوص وفهمها . ويعد نموذجاً سيئاً جداً للباحثين في الإسلام من بين المستشرقين . .

(3) الموسوعة الاسلامية أشرف على تأليفها فنسنك وآخرون وكتبت باللغة الانكليزية وترجمت الى الفرنسية والالمانية ثم ترجمت الى اللغة العربية ونحن ننقل من النسخة العربية . ج7/401 402 . .

(4) سطوع نجم الشيعة جرهارد كونسلمان / ترجمه من الالمانية محمد ابورحمة / طبع مكتبة مدبولي القاهرة ط2 : 14141993 .

(5) العراق في ظل الحكم الاموي الدكتور الخربوطلي ص74 .

(6) العراق في ظل الحكم الاموي الدكتور الخربوطلي ص74 .

(7) الثقافة الجديدة تسلسل 223سنة 1990 تموز السنة 37العدد 9 . ادرجناه ضمن المستشرقين على الرغم من كونه ينتسب الى الاسلام والتشيع ولكنه تبنى الفكر الماركسي في الايديولوجيا ومنهج المستشرقين في البحث ، و من الغريب ان العلوي هذا عرفه اصدقاؤه بالتقشف والزهد والبساطة في العيش يعتقد بمعاوية هذا المعتقد ، ولا بد انه قد قرأ عنه سفكه لدم حجر بن عدي واصحابه وتشريده العراقيين وسجنهم وقطع ايديهم لا لشئ الا لتوليهم عليا ، فهل ان زعامة تقوم على مبدأ كهذا جديرة بالاحترام ! .

(8) ابن سعد : الطبقات الكبرى القسم الناقص ج1 /277ـ278ورواه أيضاً ابن معين عن ذر عن شعبة عن أبي اسحق عن معدي كرب (ابن معين تاريخ ابن معين ج2/419) .

(9) الطبقات ‏الكبرى ط5 ، ج1 ، ص : 307 ، سحيم بن حفص الأنصاري كنيته أبو اليقظان واسمه عامر بن حفص وسحيم لقب له . ذكره ابن النديم في الفهرست ص106 . : 4/ 449 اقول هو من شيوخ علي بن محمد المدائني .

(10) الطبقات الكبرى ج7/287 أبوعوانة واسمه الوضاح مولى يزيد بن عطاء كان أصله من أهل واسط ثم انتقل إلى البصرة فنزلها حتى مات بها .

(11) ابن سعد : الطبقات الكبرى القسم الناقص ج1 /297 ، ابن أبي الحديد في شرح النهج ج16/11 .

(12) الطبقات الكبرى6/374قال ابن حجر في . تهذيب التهذيب : قال عثمان بن أبي شيبة عن عبد الرحمن بن مهدي إسرائيل لص يسرق الحديث . .

(13) طبقات ابن سعد القسم المفقود ، من ذخائر تراثنا ترجمة الحسن من ابن سعد غير المطبوع /58 .

(14) ضعفاء العقيلي 3/469 قيس بن الربيع عن محمد بن عبيد قال كان قيس بن الربيع استعمله أبوجعفر على المدائن فكان يعلق النساء بثديهن ويرسل عليهن الزنابير قال ابن حبان : كان شعبة يروى عنه وكان معروفا بالحديث صدوقا ويقال إن ابنه أفسد عليه كتبه بأخرة فترك الناس حديثه . وفي تذكرة الحفاظ 1/226 قيس بن الربيع الحافظ أبومحمد الأسدي الكوفي كان من أوعية العلم وارى الأئمة تكلموا فيه لظلمه .

(15) الاغاني ج5/144 .

(16) الاغاني ج5/145 .

(17) المقدسي : البدء والتاريخ ج5/4 .

(18) الطبري6/196 .

(19) نهج البلاغة ، فيض / 406 ; عبده 2 / 19 .

(20) المسعودي : مروج الذهب ج3/301 .

(21) أي رفضه أهل الشورى في قصة بيعة عثمان .

(22) ابن ابي الحديد : شرح نهج البلاغة ج4 ص6364 . انظر الاغاني لابي الفرج الاصفهاني ج23/214215 . (وفيات الاعيان ج5/189193) (الشعر والشعراء) ج2/649) .

(23) الأمالي الشيخ الصدوق ص140 .

(24) تاريخ دمشق ج14 ص72 ، سير اعلام النبلاء ج4 ص387 .

(25) بحار الانوار ج43 ص251 .

(26) تاريخ ابن عساكر ج14 ص80 ، الطبقات الكبرى القسم الناقص ج1 ص279 ، تهذيب الكمال ج2 ص591 ، نسب قريش ص24

(27) الاصابة ج1 ص495 ، المستدرك للحاكم ج3 ص190 ، الطبقات الكبرى القسم المتمم ج1 ص351 ، تهذيب الكمال ج2 ص601 ، تاريخ دمشق ج14 ص118 .

(28) تاريخ دمشق ج14 ص118 ، البداية والنهاية ج8 ص43 .

(29) الطبقات الكبرى القسم الناقص1ص352 ، المستدرك للحاكم ج3 ص189 .

(30) تهذيب الكمال : 6 / 233 ، تاريخ دمشق ج14 ص69 70 .

(31) مروج الذهب للمسعودي 2/428

(32) بحار الانوار ج43 ص251 .

(33) بحار الانوار ج43 ص254 نقل عن المناقب .

(34) ترجمة الامام الحسن(ع) من طبقات ابن سعد ج1 ص297 ، تاريخ دمشق ج14 ص71 ، انساب الاشراف ج3 ص274 .

(35) تهذيب الكمال 6/245 ، وفي تاريخ دمشق لابن عساكر ترجمة الحسن قال محمد بن سعد قال ابوعبيد عن مجالد ، عن الشعبي .

(36) تهذيب الكمال 6/245 .

(37) الكامل في التاريخ 3/407 .

(38) قال صاحب ارشاد الساري في شرح صحيح البخاري (4/411) قا ل الكرماني : وقد كان الحسن يومئذ احق الناس بهذا الامر فدعاه ورعه الى ترك الملك رغبة فيما عند الله ولم يكن ذلك لعلة ولا لذلة ولا لقلة فقد بايعه على الموت اربعون الفا . ، انظر ايضا عمدة القاري في شرح صحيح البخاري للعيني ج16 /239 .

(39) المجلسي ، المصدر السابق ، ج44ص21 . عن الاحتجاج للطبرسي ج2 ص290 . إعلام الورى بأعلام الهدى تأليف الفضل بن الحسن الطبرسي ترجمة الحسن(ع) . . ص213 .

(40) مقاتل الطالبيين 45 .

(41) تاريخ دمشق 52 /380 .

(42) ان عساكر التاريخ /52/381 .

(43) شرح النهج11/46 .

(44) الانتصار ـ الشيخ علي الكوراني العاملي ج8 ص137 ـ 139 .

(45) الأغاني ج9 ص173 (قال ابو الفرج نسخت من كتاب يحيى بن حازم حدّثنا عليّ بن صالح صاحب المصلَّى قال حدّثنا ابن دأب) ، ايضا ابن حمدون ت 562هـ التذكرة الحمدونية 5/192 ، والحُوار : ولد الناقة من وقت ولادته الى ان يفطم ويفصل . وقول معاوية والله لاصلن رحمه ولاقبلن عليه : هي المجاملة حياء التي استشهد ببيت الشعر لاجلها ، هي مجاملة لاجل ان يعبر مرحلة فرضها عليه الحسن لمعالجة الانشقاق وفتح الشام لاخبار علي(ع) ، وقد انتقم معاوية بعد ذلك من الحسن (ع) بدس السم له . ومن شيعته بتشريدهم وقتلهم .

(46) وفي رواية تغلي . و(مِراض) جمع مريض ، ومرض القلب او الصدر هو الشك والعداوة ، وهو هنا العداوة ، والمعنى أجامل اقواما حياء ولكني ارى قلوبهم او صدورهم تغلي عليَّ حقدا وعداواة . وفي لسان العرب أَتأَر إِليه النَّظَرَ : أَحَدَّه . وأَتْأَره بصره : أَتْبَعَه إِياه‏ ، وقد اراد معاوية باستشهاده بالبيت ان يُفهم ابن الزبير ان الحسن(ع) يجامله مجاملة قد اضطر اليها لحل ازمة الانشقاق في امة جده ، والا فان قلب الحسن يغلي عليه لانه لاينسى قتلى شيعة ابيه في صفين واعلامه الكاذب فيه . وقد روى المجلسي في البحار ج44/ 57 ان حجر بن عدي قال للحسن(ع) : أما والله لوددت أنك مت في ذلك اليوم ومتنا معك ولم نر هذا اليوم ، فانا رجعنا راغمين بما كرهنا ، ورجعوا مسرورين بما أحبوا . فلما خلا به الحسن عليه السلام قال : يا حجر قد سمعت كلامك ، في مجلس معاوية وليس كل انسان يحب ما تحب ، ولا رأيه كرأيك ، وإني لم أفعل ما فعلت إلا إبقاء عليكم ، والله تعالى كل يوم هو في شأن ، وأنشأ عليه السلام لما اضطر إلى البيعة .

أجامل أقواما حياء وقد أرى

قلوبهم تغلي علي مراضها

قال البهبودي في /هامش 57 : أظن الصحيح هكذا :

أجامل أقواما حياء ، وقد أرى

قدورهم تغلى على مراضها

يقال : غلت القدر تغلى غليانا : جاشت وثارت بقوة الحرارة ، ومراض القدر أسفلها إذا غطى من الماء ، يقول : انهم يثورون ثورة ظاهرية كالقدر التي ثارت أعلاه ولم تغلِ أسفلها ، فهم منافقون يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم .

اقول : لم اجد في لسان العرب ولا في تاج العروس ، ان مِراض القدر اسفلها ، ومهما يكن فان استشهاد الامام الحسن بالبيت ان صحت القصة فهو(ع) يريد انه جامل معاوية وهش في وجهه بما تقتضيه مصلحة الرسالة والامة وهو يعلم ان قلب معاوية يغلي عليه عداوة لقتلاه في بدر . اما المعنى الذي ذهب اليه البهبودي فهو بعيد .

والبيت سواء استشهد به معاوية او الامام الحسن فمعناه واحد ، مع ملاحظة ان معاوية حين استشهد به اراد به ان الحسن حين جامله فان قلبه يغلي عليه بما قتل من شيعة ابيه في صفين وبما عرضه من اعلامه الكاذب فيه ، وان الحسن حين استشهد به اراد انه اجبر معاوية على مجاملته مع ان قلبه يغلي عليه حقدا لقتلاه في بدر ، ولم ياخذ بثارهم لان ثارهم في تصوره لا يكون الا حين يقتل من بني هاشم علياءهم الامر الذي حققه ولده يزيد بعده بوصية منه . ومن هنا فان حلم معاوية ليس حلما حقيقة بل هو تكتيك بلغة العصر كما كشف ذلك لعائشة بنت عثمان حين قال لها : (فاظهرنا لهم حلما تحته غضب) .

(47) أي حرب صعبة [ زبن ] : الزَّبْنُ ، كالضَّرْبِ : الدَّفْعُ ، كما في الصِّحاحِ . وفي المُحْكَم : دَفْعُ الشئِ عن الشئِ ، كالناقَةِ تَزْبِنُ ولَدَها عن ضرْعِها برِجْلِها وتَزْبِنُ الحالِبَ . زَبَنَ الشئَ يَزْبِنُه زَبْناً وزَبَنَ به : دَفَعَه (تاج العروس) .

(48) انساب الاشراف 5/38 .

(49) اخبار الوافدات من النساء ص63 ، العقد الفريد : ج1 ص220 . وبلاغات النساء : ص49 ، قاموس الرجال : ج12 ص259260 . محادثات النساء : ص ، 76 ، تاريخ دمشق ج73 ص124 .

(50) انساب الاشراف 2/481 . والدلاص الدروع اللينة . والاحْتِقابُ شَدُّ الحَقِيبةِ من خَلْفٍ ، وكذلك ما حُمِلَ مِن شي‏ء من خَلْف .

(51) أي الموالين له المعادين لعدوه المتبرئين منهم . .

(52) نحن نتحفظ على قوله (وسائر الناس يقاتلون معه على غير علم بمكانه من الله ورسوله) فان معركة النهروان وقعت في صفر او في شعبان سنة 38هـ أي بعد سنتين ونصف وقعت خلالها معركتا الجمل وصفين ، وقد ظهر فيها من الايات لعلي(ع) واحاديث النبي فيه ، ما لم يدع شكا في علي ، وانما الناس تنفتح قلوبها على الحقائق تدريجيا ﴿ قالَتِ الأَْعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِْيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ ﴾ الحجرات/14 ، فالناس الذي كانوا يقاتلون مع علي كانوا يعرفون مكانته من الله ورسوله ولكنهم لم تنفتح قلوبهم بعد ، وفي النهروان بعد شهدوا اية جديدة للنبي في علي هو قصة مثدن اليد ، انفتح قلب من لم يكن قد انفتح على امامة علي(ع) . والى هذه المرحلة من الانقياد والاجتماع يشير علي(ع) في كتابه الى قيس بن سعد بن عبادة عامله على اذربيجان يقول له(أقبل فإنه قد اجتمع ملأ المسلمين وحسنت طاعتهم ، وانقادت لي جماعتهم ولا يكن لك عرجة ولا لبث ، فإنا جادّون معدّون ، ونحن شاخصون إلى المحلين ، ولم أؤخر المسير إلا انتظارا لقدومك علينا)

(53) كتاب سليم بن قيس تحقيق الانصاري 220 .

(54) فتح الباري 12/53 .

(55) روى الكثير من الباحثين الشيعة عن الشيخ المفيد منهم الخوئي في منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة 19/143 ، وكذلك الشيخ الكوراني في جواهر التاريخ عن الشيخ المفيد في الارشاد ج 2/14 بغير سند قال : (فلما استتمت الهدنة سار معاوية حتى نزل بالنخيلة ، وكان ذلك يوم جمعة فصلى بالناس ضحى النهار ، فخطبهم وقال في خطبته : إني والله ما قاتلتكم لتصلوا ولا لتصوموا ولا لتحجوا ولا لتزكوا ، إنكم لتفعلون ذلك ، ولكني قاتلتكم لأتأمر عليكم ، وقد أعطاني الله ذلك وأنتم له كارهون . ألا وإني كنت منيت الحسن وأعطيته أشياء ، وجميعها تحت قدمي لا أفي بشئ منها له) وهي رواية ابي الفرج في مقاتله ابو الفرج مسندة ، وقد رواها من كتاب ابي الفرج مباشرة كثير من الباحثين الشيعة المعاصرين كالعلامة التستري في قاموس الرجال 4/109 ، والعلامة السيد علي الشهرستاني في وضوء النبي (ص) 1/209 والعلامة العسكري في احاديث المؤمنين عائشة 1/322 ، والعلامة الشيخ راضي ال ياسين /12في صلح الحسن وغيرهم كثير ، وكذلك من الباحثين القدامى من غير الشيعة كابن ابي الحديد في شرح النهج16/15 ومن الشيعة القاضي النعمان في شرح الاخبار 2/533 ، اما ابو الفرج فقد ساق للرواية ثلاثة اسانيد سندان منها عن ابي عبيد احدهما فيه عبد الرحمن بن شريك ت 177هـ ولي قضاء الكوفة للمنصور وابنه ، والاخر عن عثمان بن ابي شيبة وقد رواه في مسنده عن ابي معاوية الضرير وهو من جلساء هارون ووضع له احاديث في ذم الرافضة وكلاهما يرويانها عن الاعمش عن عمرو بن مرة عن سعيد بن سويد وهو مجهول ، والسند الثالث عن المقانعي عن جعفر بن محمد بن الحسين الزهري عن حسن بن الحسين العربي عن عمرو بن ثابت (ابن ابي المقدام) عن ابي اسحاق السبيعي الى ابي اسحاق ولكننا لا نجدها في المصادر الشيعية الاصيلة وكلهم ثقاة بما فيهم ابو اسحاق ، و رواية الثقة قد تصطدم مع الواقع التاريخي فتحمل على الاشتباه ، وقضية تخلف معاوية عن الشروط وغدره بالحسن مسالة مفروغ منها والكلام هل كان هذا النقض في اول الصلح او بعد عشر سنوات ، فيكون الوقوع في الاشتباه امر معقول . ويضيف ابن عساكر في تاريخه 52/3360 طريقا اخر قال عن محمد بن خالد يعني القرشي الدمشقي حدثني محمد بن سعيد بن المغيرة الشيباني عن عبد الملك بن عمير ان معاوية خطب عند دخوله الكوفة و محمد بن خالد قال عنه ابو حاتم الرازي كذاب والشيباني مجهول .

(56) البيان والتبيين للجاحظ ت 255هـ /529 عن عيسى بن زيد عن اشياخه ، عيون الاخبار لابن قتية ت276هـ ج1/67 انساب الاشراف للبلاذري ت 279هـ ، 5/125 : 356 عن المدائني عن عيسى بن يزيد ، العقد الفريد ج4/158 ابن عبد ربه الاندلسي ، البداية والنهاية لابن كثير ج8/120 ، تاريخ دمشق 59/ 155 ، شرح الاخبار للقاضي المغربي 2/114 ، ضعفاء العقيلي 3/422 . ، التذكرة الحمدونية لابن حمدون 7/174 .

(57) البلاذري ، أنساب الأشراف ج 3 / 52 – 53 .

(58) الجاحظ ، البيان والتبيين /361 ، ابن ابي الحديد ، شرح نهج البلاغة ج16/19 عن ابي الحسن المدائني .

(59) العقد الفريد ج4 ص159 .

(60) الاحتجاج2/19 .

(61) هذا النداء منه بعد موت الحسن وموت سعد بن ابي وقاص .

(62) استعمل معاوية زيادا على الكوفة سنة51 هـ بعد موت المغيرة وتوفي سنة 53حكم العراق خمس سنوت ومعنى ذلك ان ولايته على البصرة سنة 48هـ .

(63) كتاب سليم بن قيس ص318

(64) انظر اليعقوبي .

(65) مروج الذهب ومعادن الجوهر المسعودي ج2 ص105 – 106 ، تفسير البحر المحيط أبي حيان الأندلسي ج1 ص542 .

(66) جاء في الاستيعاب ابن عبد البر ج4 ص1490 في ترجمة نافع بن عبد الحارث بن حبالة بن عمير الخزاعي استعمله عمر بن الخطاب على مكة وفيهم سادة قريش ، فخرج نافع إلى عمر واستخلف مولاه عبد الرحمن بن أبزى ، فقال له عمر : استخلفت على (آل الله) مولاك فعزله ، وولَّى خالد بن العاص بن هشام بن المغيرة المخزومي . وكان نافع ابن عبد الحارث من كبار الصحابة وفضلائهم . والشاهد في الرواية هو ان عمر يسمي قريش (ال الله) ، والحال ان هذا اللقب لعبد المطلب وذريته التي على منهجه .

(67) وقد وضع بنو امية فيما بعد رواية تفيد ان عبد المطلب هو الذي اشار على قريش ان يهربوا الى الجبال في قصة الفيل خوفا عليهم من معرة الجيش (انظر الطبري ج1/554) .

(68) نبزى محمدا : اي نسلبه ونغلب عليه (لسان العرب) .

(69) روى الشيخ الطبرسي في اعلام الورى /55 ، قال : روى علي بن إبراهيم ، قال : خرج أسعد بن زرارة وذكوان إلى مكة في عمرةِ رجب يسألون الحلف على الأوس ، وكان أسعد بن زرارة صديقاً لعتبة بن ربيعة ، فنزل عليه ، فقال له : إنّه كان بيننا وبين قومنا حرب وقد جئناكم نطلب الحلف عليهم ، فقال عتبة : بعُدت دارنا عن داركم ولنا شغل لا نتفرغ لشيء ، قال : وما شغلكم وأنتم في حرمكم وأمنكم ؟ ! قال له عتبة : خرج فينا رجل يدّعي انّه رسول اللّه ، سفّه أحلامنا ، وسبّ آلهتنا ، وأفسد شبابنا ، وفرّق جماعتنا ، فقال له أسعد : من هو منكم ؟ قال : ابن عبد اللّه بن عبد المطلب ، من أوسطنا شرفاً ، وأعظمنا بيتاً ; وكان أسعد وذكوان وجميع الأوس والخزرج يسمعون من اليهود الذين كانوا بينهم أبناء «النضير» و«قريظة» و«قينقاع» انّ هذا أوان نبي يخرج بمكة يكون مهاجره بالمدينة لنقتلنَّكم به يا معشر العرب ، فلمّا سمع ذلك أسعد وقع في قلبه ما كان سمعه من اليهود ، قال : فأين هو ؟ قال : جالس في الحِجْر ، وانّهم لا يخرجون من شِعْبهم إلاّ في الموسم ، فلا تسمع منه ولا تُكلّمه ، فإنّه ساحر يسحرك بكلامه ، وكان هذا في وقت محاصرة بني هاشم في الشعب ، فقال له أسعد : فكيف أصنع وأنا معتمر لابدّ لي أن أطوف بالبيت ؟ فقال : ضع في أُذنيك القطن ، فدخل أسعد المسجد وقد حشا أُذنيه من القطن ، فطاف بالبيت ورسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) جالس في الحجر مع قوم من بني هاشم ، فنظر إليه نظرة ، فجازه . فلمّا كان في الشوط الثاني قال في نفسه : ما أجد أجهل منّي ، أيكون مثل هذا الحديث بمكة فلا أعرفه ؟ ! حتى أرجع إلى قومي فأخبرهم ، ثمّ أخذ القطن من أُذنيه ورمى به ، وقال لرسول اللّه : أنعم صباحاً ، فرفع رسول اللّه رأسه إليه وقال : «قد أبدلنا اللّه به ما هو أحسن من هذا ، تحية أهل الجنة : السّلام عليكم» فقال له أسعد : إنّ عهدك بهذا لقريب إلى ماَ تدعو يا محمد ؟ قال : «إلى شهادة أن لا إله إلاّ اللّه وإنّي رسول اللّه ، وأدعوكم : ﴿أَلاّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالوالِدَيْنِ إِحْساناً وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاق نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتي حَرَّمَ اللّهُ إِلاّ بِالحَقِّ ذلِكُمْ وَصّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ * وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلاّ بِالّتي هِيَ أَحْسَنُ حَتّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَها وَإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى وَبِعَهْدِ اللّهِ أَوْفُوا ذلِكُمْ وَصّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ . فلما سمع أسعد هذا قال : أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له ، وانّك رسول اللّه . يا رسول اللّه بأبي أنت وأُمّي أنا من أهل يثرب من الخزرج ، وبيننا وبين إخواننا من الأوس حبال مقطوعة ، فإن وصلها اللّه بك فلا أجد أعزّ منك ، ومعي رجل من قومي فإن دخل في هذا الأمر رجوت أن يتمم اللّه لنا أمرنا فيك ، واللّه يا رسول اللّه لقد كنّا نسمع من اليهود خبرك ، وكانوا يبشّروننا بمخرجك ، ويخبروننا بصفتك ، وأرجو أن تكون دارُنا دارَ هجرتك ، وعندنا مقامك ، فقد أعلمنا اليهود ذلك ، فالحمد للّه الذي ساقني إليك ، واللّه ما جئت إلاّ لنطلب الحلف على قومنا ، وقد أتانا اللّه بأفضل ممّا أتيت له .

(70) جاء في الكامل في التاريخ ابن الأثير ج2 ص148 – 149 ، ان قريش ارسلت ا أربعة نفر وهم عمرو بن العاص ، وهبيرة بن أبىِ وهب ، وابن الزبعرى وأبو عزة الجمحي ، فساروا في العرب ليستنفروهم ، فجمعوا جمعاً من ثقيف وكنانة وغيرهم .

(71) الحليس بن علقمة : ( … بعد 6 ه‍ = … بعد 628 م) الحليس بن علقمة الحارثي ، من بني الحارث بن عبد مناة بن كنانة : سيد (الأحابيش) ورئيسهم يوم أحد ، وكان

مع مشركي قريش . قال الزبيدي : الأحابيش ، بنو المصطلق من خزاعة ، وبنو الهون بن خزيمة ، اجتمعوا عند (جبل حبشي) بأسفل مكة ، وحالفوا قريشا ، فسموا أحابيش ، قريش باسم الجبل . وفي حديث الحديبية : (إن قريشا جمعوا لك الأحابيش) وسماه ابن هشام في السيرة (حليس بن زبان) ثم قال : (الحليس بن علقمة أو ابن زبان) وكان أعرابيا . وهو الذي مر بأبي سفيان بعد وقعة أحد ، فرآه يضرب شدق (حمزة بن عبد المطلب) بزج الرمح ، ويقول : ذق عقق ! أي : يا عاق ! فقال الحليس : يا بني كنانة ، هذا سيد قريش يصنع بابن عمه ما ترون ! فقال أبو سفيان : ويحك اكتمها عني فإنها كانت زلة . (الاعلام للزركلي)

(72) تاريخ الطبري محمد بن جرير الطبري ج2 ص276 .

(73) جاء في أسد الغابة ابن الأثير ج2 ص344 في ترجمة (سليط) بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي بن غالب العامري أخو سهيل والسكران ابني عمرو قاله ابن منده وأبو نعيم ورويا عن ابن إسحاق فيمن هاجر إلى أرض الحبشة من بنى عامر بن لؤي سليط بن عمرو بن عبد شمس ومعه امرأته ولدت له ثم سليطا بن سليط وذكره موسى بن عقبة فيمن شهد بدرا ولم يذكره غيره فيهم وهو الذي أرسله النبي صلى الله عليه وسلم إلى هوذة بن علي الحنفي والى ثمامة بن أثال الحنفي وهما رئيسا اليمامة وذلك سنة ست أو سبع من الهجرة . وفي الطبقات الكبرى ابن سعد ج5 ص550 – 551 ثمامة بن أثال بن النعمان بن مسلمة بن عبيد بن ثعلبة بن يربوع بن ثعلبة بن الدول بن حنيفة الحنفي كان مر به رسول لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأراد ثمامة قتله فمنعه عمه من ذلك فأهدر رسول الله صلى الله عليه وسلم دم ثمامة . وفي أنساب الأشراف أحمد بن يحيى بن جابر (البلاذري) ج1 ص376 قال في ذكر سرية محمد بن مسلمة بن خالد بن مجدعة الأوسي ، من الأنصار ، في المحرم سنة ستّ (اقول أي بعد الحديبية بشهرين) إلى القرطاء ، من بنى كلاب ، بناحية ضرّية وبينها وبين المدينة سبع ليال . أتاهم ، فغنم نعما وشاء ، وأخذ ثمامة بن أثال الحنفي . وفي تاريخ المدينة ابن شبة النميري ج2 ص437 – 438 : أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أخذوا ثمامة وهو طليق ، وأخذوه وهو يريد أن يغزو بني قشير ، فجاءوا به أسيرا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو موثق ، فأمر به فسجن ، فحبسه ثلاثة أيام في السجن ثم أخرجه فقال ” يا ثمامة إني فاعل بك إحدى ثلاث ، إني قاتلك ، أو تفدي نفسك ، أو نعتقك ” قال إن تقتلني تقتل سيد قومه ، وإن تفادي فلك ما شئت ، وإن (تعتق تعتق شاكرا . قال ” فإني قد أعتقتك ” قال : فأنا على أي دين شئت ؟ قال ” نعم ” قال : فأتيت المرأة التي كنت موثقا عندها فقلت : كيف الاسلام ؟ فأمرت لي بصحفه ماء فاغتسلت ، ثم علمتني ما أقول ، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت : أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله ، وفي أسد الغابة ابن الأثير ج1 ص246 – 248 : ثم جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد فقال يا محمد لقد كنت وما وجه أبغض إلى من وجهك ولا دين أبغض إلى من دينك ولا بلد أبغض إلى من بلدك ثم لقد أصبحت وما وجه أحب إلى من وجهك ولا دين أحب إلى من دينك ولا بلد أحب إلى من بلدك وإني أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله . وفي تاريخ المدينة قال ثمامة : ثم قدمت مكة فقلت : يا أهل مكة إني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله ، ولا تأتيكم من اليمامة تمرة ولا برة أبدا أو تؤمنوا بالله ورسوله ، فكتب المشركون من مكة إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسألونه بالله وبالرحم أن لا يحبس الطعام عن مكة حرم الله وأمنه ، فقدمت على النبي صلى الله عليه وسلم فقال ” يا ثمامة لا يثأر المسلم بالكافر ، ولكن ارجع إلى قومك فادعهم إلى الاسلام فمن أقر منهم بالاسلام واتبعك فانطلق إلى بني قشير ولا تقاتلهم حتى تدعوهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، فإن بايعوك حرمت عليك دماؤهم ، وإن لم يبايعوك فقاتلهم . فدعا قومه فأسلموا معه ، ثم غزا بني قشير فثأر بابنه .

(74) انظر تفصيل القصة في الصحيح من السيرة النبوية للسيد جعفر مرتضى ج21ص21 فما بعد .

(75) في رواية مسلم واحمد (ثقلين) .

(76) المستدرك على الصحيحين 3 : 110 ، 3 : 533 تاريخ دمشق ترجمة علي(ع) ج2 : 36 الحديث رقم 534 وقد رواه البلاذري أيضا في الحديث رقم 48 من ترجمة علي(ع) ص110 تحقيق المحمودي وفيه قول النبي (صلى الله عليه وآله) (كأني قد دعيت فأجبت وان الله مولاي وانا مولى كل مؤمن وانا تارك فيكم … ) ورواه ابن كثير في البداية والنهاية ج2 ص206 عن سنن النسائي ورواه أيضا محمد بن جرير الطبري عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم وعن عطية عن أبي سعيد الخدري ورواه أيضا ابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة ص23 . كماورواه أيضا في كنز العمال ج13 : 104الحديث رقم (36340) تصحيح الشيخ صفوة السقا .

(77) المعجم الكبير ج5 : ص167 الحديث رقم4971 وقال في مجمع الزوائد 9 : 164 فيه حكيم بن جبير وهو ضعيف قال ابن حجر في التقريب ضعيف رمي بالتشيع .

(78) ابن الأثير في جامع الأصول 9 / 474 والخطيب التبريزي في مشكاة المصابيح 564 ، وابن كثير الدمشقي في البداية والنهاية 7 / 356 . والنجوى في الحديث : الاسرار به لفرد او لجماعة .

(79) جاء في تهذيب الكمال المزي ج29 ص279 – 280 ، وفي أسد الغابة ابن الأثير ج5 ص7 – 8 ، عن الاستيعاب : 4 / 1490في ترجمة نافع بن عبد الحارث الخزاعي ، قال أبو عمر بن عبد البر استعمله عمر بن الخطاب على مكة وفيهم سادة قريش ، فخرج نافع إلى عمر ، واستخلف مولاه عبد الرحمان بن أبزى فقال له عمر : استخلفت على آل الله مولاك ؟ فعزله ، وولى خالد بن العاص بن هشام بن المغيرة المخزومي . وكان نافع بن عبد الحارث من كبار الصحابة وفضلائهم . والشاهد هو ان عمر بعد ان شاهد كيف هدم النبي مكانة قريش الدينية وبدعها في الحج نجده يسمي قريشا ال الله ويرجع بعض بدعها تكريسا لامامتها الدينية .

(80) قال ابن القيم في زاد المسير 4/228 وقد روى المفسرون من طرق ليس فيها ما يثبت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : لما نزلت هذه الآية ، وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على صدره ، فقال : ” أنا المنذر ” ، وأومأ بيده إلى منكب علي ، فقال : ” أنت الهادي يا علي بك يهتدى من بعدي ” . قال المصنف : وهذا من موضوعات الرافضة . اقول قال ابن حجر في فتح الباري 8/285 أخرج الطبري 13/ 142 بإسناد حسن من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال لما نرلت هذه الآية وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على صدره وقال أنا المنذر وأومأ إلى علي وقال أنت الهادي بك يهتدي المهتدون بعدي .

(81) احقاق الحق ج5 ص633 إثبات الهداة ج2 ص112 209 ، تاريخ بغداد ج14 ص321 ، اخرجه عن ام سلمة ، وأخرجه الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد 7 ص236 وقال : رواه البزار وفيه سعد بن شعيب ولم أعرفه وبقية رجاله رجال الصحيح . قال العلامة الأميني) رحمه الله في الغدير 3/177 الرجل الذي لم يعرفه الهيثمي هو سعيد بن شعيب الحضرمي قد خفي عليه لمكان التصحيف ، ترجمه غير واحد بما قال شمس الدين إبراهيم الجوزجاني : إنه كان شيخا صالحا صدوقا . كما في خلاصة الكمال 318 ، وتهذيب التهذيب 4 ص48 . اقول وأخرج الحاكم في مستدركه ج3/ 124 عن أُمّ سلمة عن النبي ص بلفظ : «عليّ مع القرآن والقرآن مع عليّ لن يتفرقا حتى يردا عليَّ الحوض» . قال الحاكم : هذا حديث صحيح ولم يخرجاه . وأورده الذهبي في تلخيصه مصرّحاً بصحته …

(82) تاريخ دمشق لابن عساكر 39/ 426قال عمرو بن العاص لما قتل عثمان وكان في فلسطين قد علمت العرب أني إذا حككت قرحة أدميتها . ايضا تاريخ الطبري 3/292 ، انساب الاشراف للبلاذري 2/283 . 5/565 ،

(83) التداك الازدحام الشديد . والإبل الهِيم : العطاش . وهدج إليها الكبير : مشى مشياً ضعيفاً مرتعشا ، والمضارع يهدج بالكسر ، وتحامل نحوها العليل تكلف المشى على مشقة . وحسرت إليها الكعاب : كشفت عن وجهها حرصاً على حضور البيعة ، والكعاب : الجارية التى قد نهد ثديها ، (شرح نهج البلاغة ابن أبي الحديد ج13 ص3) .

(84) جاء في مجمع البيان 4 : 472 ، تفسير الصافي 4 : 296 ، تفسير نور الثقلين 4 : 446 . عن أمير المؤمنين(ع) أنه قال : لا أُوتي برجل يزعم أن داود تزوج امرأة أُوريا إلاّ جلدته حدّين : حدّاً للنبوة وحدّاً للاسلام وفي تفسير التبيان 8 : 555 عن أمير المؤمنين(ع) أنه قال : لا أُوتي برجل يقول إن داود ارتكب فاحشة إلاّ ضربته حدّين : أحدهما للقذف ، والآخر لأجل النبوة وفي تفسير الرازي 26 : 192 عن سعيد بن المسيب أن علي بن أبي طالب (ع) قال : من حدثكم بحديث داود على ما يريه القصاص ، جلدته مائة وستين ، وهو حدّ الفرية على الأنبياء .

(85) نهج البلاغة : الكتاب 36 .

(86) وقعة صفين ابن مزاحم المنقري ص251 ، وقوله رضي الله عنه (ويدخلوكم في أمر قد أخرجكم الله منه بحسن البصيرة) هذا الامر هو اعتقادهم امامة علي بالنص . فهو يحتاج الى حسن بصيرة من الانسان ليفارق العقيدة بامامة قريش ويعتقد بامامة علي (ع) . و من ليس له حسن بصيرة يكون مصداقا لقوله تعالى (وَ كَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَالأَْرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ (105) يوسف/105 ، واحاديث النبي في علي بمناسة الغدير وغيره ايات الهية لانه لا ينطق عن الهوى .

(87) لم يكن ليؤثر هذا الشعار في جيش علي واغلبهم من مسلمة الفتوح لولا التربية التي نشأوا عليها زمن الخلافة مدة ربع قرن تقريبا وقد حمل الخوارج فيما بعد هذا الشعار (لا حكم الا لله) ،

(88) اعتدى اهل الجمل على والى علي على البصرة عثمان بن حنيف وغدروا به واحتلوا البصرة ، فلم يكن امام علي الا ان يدعوهم الى التراجع والتحاكم الى القرآن فلم يتراجعوا فقاتلوهم واسترد البصرة منهم . وهكذا في صفين فان معاوية تمرد علي علي واقتطع الشام منه ولم يسلمها لمن ولاه علي عليها ، فما كان امامه الا مقاتلته .

(89) شرح نهج البلاغة ج4 ص228 ط دار مكتبة الحياة سنة 1964 .

(90) روى الكشي عن عبد الله بن سنان قال : سمعت أبا عبد الله يقول : كان مع أمير المؤمنين خمسة نفر من قريش ، وكانت ثلاثة عشر قبيلة مع معاوية) . فأما الخمسة فمحمد بن أبي بكر رحمة الله عليه أتته النجابة من قبل أمه أسماء بنت عميس ، وكان معه هاشم بن عتبة بن أبي وقاص المرقال . وكان معه جعدة بن هبيرة المخزومي ، وكان أمير المؤمنين عليه السلام خاله وهو الذي قال له عتبة بن أبي سفيان انما لك هذه الشدة في الحرب من قبل خالك فقال له جعدة لو كان خالك مثل خالي لنسيت أباك ، ومحمد بن أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة ، والخامس سلف أمير المؤمنين ابن أبي العاص بن ربيعة ، وهو صهر النبي صلى الله عليه وآله أبو الربيع) (اختيار معرفة الرجال الكشي ص60 ط النجف) . اقول جاء في كتاب وقعة صفين لنصر بن مزاحم / 469 : عن أبي جحيفة قال عتبة لجعدة : يا جعدة ، إنه والله ما أخرجك علينا إلا حب خالك وعمك ابن أبي سلمة عامل البحرين ، وإنا والله ما نزعم أن معاوية أحق بالخلافة من على لولا أمره في عثمان ، ولكن معاوية أحق بالشام لرضا أهلها به فاعفوا لنا عنها ، فوالله ما بالشام رجل به طرق إلا وهو أجدّ من معاوية في القتال ، ولا بالعراق من له مثل جد على [ في الحرب ] . وما أقبح بعلي أن يكون في قلوب المسلمين أولى الناس بالناس ، حتى إذا أصاب سلطانا أفنى العرب .

فقال جعدة : أما حبي لخالي فوالله أن لو كان لك خال مثله لنسيت أباك .

وأما فضل علي على معاوية فهذا ما لا يختلف فيه [ اثنان ] .

وأما رضاكم اليوم بالشام فقد رضيتم بها أمس [ فلم نقبل ] .

وأما قولك إنه ليس بالشام من رجل إلا وهو أجدُّ من معاوية ، وليس بالعراق لرجل مثل جِدِّ عليّ ، فهكذا ينبغي أن يكون ، مضى بعلي يقينُه ، وقصر بمعاوية شكُّه ، وقصد أهل الحق خير من جهد أهل الباطل . .

وأما قتل العرب فإن الله كتب [ القتل و] القتال ، فمن قتله الحق فإلى الله (وفي فتوح اعثم 3/108 فمن قتله الحق فإلى الله والجنة ، ومن قتله الباطل فإلى النار) .

فغضب عتبة وفحش على جعدة ، فلم يجبه وأعرض عنه وانصرفا جميعا مغضبين .

(91) الارشاد ص199 ، اعلام الورى ص216

(92) المعجم الكبير ج3 ص32 .

(93) الحديث مروي بطرق مختلفة واسانيد متعددة في كتب الحديث : قال ابن كثير في البداية والنهاية ج6 / 214 215 ما خلاصته : (وقد روى هذا الحديث البخاري وأحمد وأبو داود والنسائي والترمذي والصنعاني في المصنف والبيهقي في دلائل النبوة وغيرهم كلهم عن الحسن بن ابي بكرة الثقفي ، وقال المزي في أطرافه : وقد رواه بعضهم عن الحسن عن أم سلمة ، وروي ايضا من طريق جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه ، ) اقول : رواه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد /ج3 / 433 ، وج8/26بسنده عن جابر . وفي الاستيعاب لابن عبد البر ج1 / 230 قال : وتواترت الآثار الصحاح عن النبي (ص) أنه قال لحسن بن علي إن ابني هذا سيد وعسى الله أن يبقيه حتى يصلح به بين فئتين عظمتين من المسلمين رواه جماعه من الصحابة . وقد كتب الاستاذحسن فرحان المالكي في كتابه (نحو انقاذ التاريخ الاسلامي /243) يقول : (ومثلما حارب الرافضة حديث(صلح الحسن) فقد حارب النواصب(حديث عمار) ، إما بتضعيفه(رغم أنه متواتر … ) : اقول : ان عمل الحسن كان صحيحا لانه معصوم ، وكان اصلاحا فعلا في الامة سواء بالتحليل الذي تبنته هذه الدراسة او بالتحليل السائد اذ ان الامة قد توحد شقاها وساد الامان فيها عشر سنوات واختلط العراقيون بالشاميين وتعرفوا على سيرة علي واحاديث النبي (ص) فيه وفي اهل بيته ، ولم يروَّع شيعي واحد خلال هذه الفترة وانما نكث معاوية عهده مع الحسن وغدر به سنة خمسين حيث دس له السم ونقض كل شرط اشترطه . والحديث النبوي فيه نبوءة تحققت وهداية للنصف الغربي من البلاد الاسلامية جرت على يد الحسن(ع) . نعم هناك بعض الكتاب المحدثين من الشيعة حاول تضعيف الحديث ولعل مرد ذلك الى تركيز بعض الكتاب السنة على صلح الحسن ومحاولتهم تخطئة قتال علي(ع) لاهل الشام من خلاله ، مضافا الى الغفلة عن كلمة الامام الحسن وكلمة الامام الباقر في الصلح . غير ان كلا الموقفين لا يمثلان الموقف العام لدى المدرستين .

(94) شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد ج15/81 . الاخبار الطوال للدينوري 278 . وقعة صفين نصر بن مزاحم 471 .

(95) شرح نهج البلاغة 7/193 . (قال ابن ابي الحديد : الجَنَن : جمع جُنة ، وهي ما يستر به . وبطانة الرجل : خواصه وخالصته الذين لا يطوى عنهم سره . ) .

(96) معجم البلدان 7/160 وعن سعيد بن الوليد الهجري عن أبيه قال قال علي وهو بالكوفة ما أشد بلايا الكوفة لا تسبوا أهل الكوفة فوالله إن فيهم لمصابيح الهدى وأوتاد ذكر ومتاع إلى حين والله ليدقن الله بهم جناح كفر لا ينجبر أبدا إن مكة حرم إبراهيم والمدينة حرم رسول الله(صلى الله عليه وسلم) والكوفة حرمي ما من مؤمن إلا وهو من أهل الكوفة أو هواه لينزع إليها ألا إن الأوتاد من أبناء الكوفة وفي مصر من الأمصار وفي أهل الشام أبدال تاريخ دمشق ج1 ص219 .

(97) شرح نهج البلاغة ج16/215 ، انساب الشراف ج3ص364 وذمار الرجل هو ما يلزمه حفظه وحياطته وحمايته وعدم تضييعه بان يقاتل عنه ويقتل من اجله والا لزمه اللوم . وقد وضع الاعلام العباسي في قبال حسن ظن الحسن باهل الكوفة الرواية التي تقول : ان الحسن قال لاهل الكوفة : والله لو لم تذهل نفسي عنكم إلا لثلاث لذهلت انتهابكم ثقلي وقتلكم أبي وطعنكم في فخذي) (تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر / ج4 /96) (تاريخ بغداد 1 / 149) .

(98) انظر الاغاني ج9 ص119 ، والحُوار : ولد الناقة من وقت ولادته الى ان يفطم ويفصل .

(99) انظر هذه الكلمات في رسالة الوافدات على معاوية تحقيق سكينة الشهابي .

(100) هناك روايات تذكر ان حجر بن عدي خاطب الحسن بكلمات غير لا ئقة بعد الصلح ولكننا نرى انها جزء من ذلك الكم الموضوع من روايات الاعلام العباسي الذي اشرنا اليه راجع انساب الاشراف ج3ص365 .

(101) قال الشيخ المفيد : أن امرأتين تنازعتا على عهد عمر في طفل ادعته كل واحدة منهما ولدا لها بغير بينة ، فالتبس الحكم في ذلك على عمر وفزع فيه إلى علي(ع) ، فاستدعى المرأتين ووعظهما وخوفهما فأقامتا على النزاع والاختلاف . فقال (ع) عند ذلك : ائتوني بمنشار . فقالت له الإمرأتان ما تصنع به ؟ فقال : أقده نصفين لكل واحدة منكما نصفه . فسكتت إحداهما وقالت الأخرى : الله الله يا ابا الحسن إن كان لا بد من ذلك فقد سمحت به لها . فقال : الله أكبر هذا ابنك دونها ، ولو كان ابنها لرقت عليه وأشفقت . فاعترفت المرأة الأخرى بأن الحق مع صاحبتها والولد لها دونها . (ارشاد الشيخ المفيد / 110) . اقول وهذه القضية ترويها ايضا التوراة مما قضى به النبي سليمان وانتشرت حكمته في الدنيا .

(102) من المفيد التنبيه على مقامين للنبي (ص) والائمة(ع) الاول : مقام الامامة الالهية وهو مقام تشريعي ويستلزم العصمة والنص من الله تعالى مباشرة للنبي وبواسطته لاوصيائه وهذا المقام لا ينفك عن صاحبه بالاضطهاد اوالموت او القتل ولذلك يجب على الفرد ان يبايع النبي او الامام حيا او ميتا ليتحقق ايمانه وهي بيعة الايمان ، فهي اساسا موجهة للفرد والجماعة ، الثاني : مقام الحكم وهومقام تنفيذي ولا يستلزم في نفسه ان يكون صاحبه معصوما وهذا المقام لايكون فعليا للنبي والامام الا ببيعة من ينهض بهم الحكم وهم اهل الحل والعقد فهي موجهة اساسا الى الجماعة وليس الى الفرد وهذا المقام هو الذي يقبل التنازل والتجميد وهو الذي تنازل عنه الحسن واشترط فيه شروطا .

(103) انظر قصة حج التمتع مفصلة في كتابنا شبهات وردود /211 .

(104) قال علي عليه السلام (والله ما معاوية بأدهى مني ولكنه يغدر ويفجر ولولا كراهية الغدر كنت من أدهى الناس ولكن كل غدرة فجرة وكل فجرة كفرة ولكل غادر لواء يعرف به يوم القيامة والله ما استغفل بالمكيدة ولا استغمز بالشديدة) . (نهج البلاغة) بحار الانوار 33/197 والحسن ابن ابيه وعلى خطه ونهج وقد تبين عمقه الاستراتيجي من خلال صلحه مع معاوية :

(105) بحار الانوار ج44 ص273 نقلا عن علل الشرائع للشيخ الصدوق .

(106) الكافي ج8/258 .

(107) فقد قامت عقيدة الغالبية من اهل السنة على ان معاوية من ائمة الهدى استنادا الى مارواه الترمذي في الجامع الصحيح 5/351 ، واحمد بن حنبل في مسنده 6/266 ، وابن عساكر في تاريخه 59/83 من ان النبي (ص) قد دعا لمعاوية قال (اللهم اجعله هاديا مهديا واهد به) ، وفي قبال ذلك : مارواه مجمع الزوائد 8/121 عن الطبراني في الكبير 11/32من طريق ابن عباس : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فسمع رجلين يتغنيان وأحدهما يجيب الآخر . فقال النبي صلى الله عليه وسلم انظروا من هما . قال : فقالوا : معاوية وعمرو بن العاصي ، فرفع رسول الله يديه فقال : اللهم اركسهما ركسا ، ودعهما إلى النار دعا . ولكن احمد حين أخرجه في المسند 4 : 421 ، رفع اسميهما وقال (فلان وفلان) وقد قامت عقيدة الشيعة ان معاوية في النار بما سفك من دماء الابرار كعمار وهاشم بن عتبة المرقال ونظرائهما في صفين وبما غدر من عهد الحسن(ع) ودس السم له وقتل الابرار كحجر وعمرو الحمق ونظرائهما وبما سلط ابنه يزيد على رقاب المسلمين وما قام به من قتل الحسين وصحبه وسبي بنات الرسالة واباحة المدينة لجيشه في واقعة الحرة ورمي الكعبة بالمنجنيق وغير ذلك مما يحفل به تاريخ معاوية من جرائم مات عليها .

(108) كان معاوية يعلم حق العلم ان الذي قتل عثمان هو طلحة ولكنه داس على جراحاته واتفق معه لمواجهة علي(ع) في البصرة ، وانتقم مروان من طلحة حين حانت له فرصة وقتل طلحة في خضم المعركة بسهم سدده الى نحر طلحة سرا . وكذلك امره مع الحسن فانه استجاب له ووفي بشروطه عشر سنوات حاول خلالها ان يكسب ثقة العراقيين ولما اكتشف انه غير قادر على كسبهم سدد سهمه سرا الى الحسن ثم انتقم منهم علنا .

(109) إذ كان ابوه علي يقول فيها (أَمَا والَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وبَرَأَ النَّسَمَةَ ، لَوْ لَا حُضُورُ الْحَاضِرِ وقِيَامُ الْحُجَّةِ بِوُجُودِ النَّاصِرِ ، ومَا أَخَذَ اللَّه عَلَى الْعُلَمَاءِ ، أَلَّا يُقَارُّوا عَلَى كِظَّةِ ظَالِمٍ ولَا سَغَبِ مَظْلُومٍ ، لأَلْقَيْتُ حَبْلَهَا عَلَى غَارِبِهَا ولَسَقَيْتُ آخِرَهَا بِكَأْسِ أَوَّلِهَا ولأَلْفَيْتُمْ دُنْيَاكُمْ هَذِه أَزْهَدَ عِنْدِي مِنْ عَفْطَةِ عَنْزٍ) نهج البلاغة تحقيق صبحي الصالح /50 (الخطبة الشقشقية) . .

(110) وهذا هو الذي دعا العباسيين فيما بعد الى وضع روايات تجعل من الحسن على خلاف مع ابيه في قضية التصدي للامر توقيا من سفك الدماء .

(111) جاء بعدها قوله : (فراجعه الحسن فيهم فكتب إليه يقول : إني قد آليت أنى متى ظفرت بقيس بن سعد أن أقطع لسانه ويده ، فراجعه الحسن إني لا أبايعك أبدا وأنت تطلب قيسا أو غيره بتبعة قلت أو كثرت) اقول هذا القول الاخير من وضع الرواة إذ ليس موضوع الصلح ان يبايع الحسن لمعاوية ولم يطلبه معاوية وما كان يجرؤ ان يطلبه لوضوح سخفه ، بل طلب ان يبقى كل طرف على بلده الذي بايعه فاجابه الحسن بصيعته التي فيها تسليم الامر لمعاوية بتقديم اختيار اهل الشام على اختيار اهل العراق بشروط منها امان شيعة علي كلهم فلا معنى ان يقول لا ابايعك ابدا وانت تطلب قيسا او غيره .

(112) روى البخاري 8/99 ، وابن عساكر ترجمة الحسن تحقيق المحمودي 207 عن سفيان بن عيينة عن ابي اسرائيل بن موسى عن الحسن البصري ان معاوية كلف رجلين من قريش ان ياتيا الحسن ويعرضا له المال ليتنازل عن السلطة ، واستطاعا اقناعه بما يوجد من بيت مال الكوفة ، وهذا هو ما اختلقه الخليفة ابو جعفر الدوانيقي في رسالته الجوابية الى محمد بن عبد الله بن الحسن ، وروجه الاعلام العباسي انظر التفصيل في الباب الثالث وثائق الاعلام العباسي من كتابنا صلح الحسن(ع) وكتابنا الامام الحسن في مواجهة الانشقاق الاموي .

(113) ابن شبة ، التاريخ 1/228 قال ابن شبة قال أبو غسان : وهذه نسخة كتاب صدقة علي بن أبي طالب رضي الله عنه حرفا بحرف نسختها على نقصان هجائها وصورة كتابها ، أخذتها من أبي ، أخذها من حسن بن زيد . بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أمر به وقضى به في ماله عبد الله علي أمير المؤمنين ، ابتغاء وجه الله ليولجني الله به الجنة ، ويصرفني عن النار ويصرف النار عني يوم تبيض وجوه وتسود وجوه . أن ما كان لي ب (ينبع) من ماء يعرف لي فيها وما حوله صدقة ورقيقها غير أن رباحا وأبا نيزر وجبير أعتقناهم ، ليس لأحد عليم سبيل ، وهم موالي يعملون في الماء خمس حجج ، وفيه نفقتهم ورزقهم ورزق أهليهم . ومع ذلك ما كان بوادي القرى ، … وما كان لي (بواد) ترعة … وما كان لي بإذنية وأهلها صدقة … وأنه يقوم على ذلك حسن بن علي ، يأكل منه بالمعروف وينفق حيث يريه الله في حل محلل لا حرج عليه فيه ، وإن أراد أن يندمل (أي يصلح من الصدقة) من الصدقة مكان ما فاته يفعل إن شاء الله لا حرج عليه فيه ، وإن أراد أن يبيع من الماء فيقضي به الدين فليفعل إن شاء لا حرج عليه فيه ، … وإن حدث بحسن حدث وحسين حي ، فإنه إلى حسين بن علي ، وأن حسين بن علي يفعل فيه مثل الذي أمرت به حسنا ، له منها مثل الذي كتبت لحسن منها ، وعليه فيها مثل الذي على حسن ، … وإن لبني فاطمة من صدقة علي مثل الذي لبني علي ، وإني إنما جعلت الذي جعلت إلى ابني فاطمة ابتغاء وجه الله وتكريم حرمة محمد وتعظيما وتشريفا ورجاء بهما ، فإن حدث لحسن أو حسين حدث ، فإن الآخر منهما ينظر في بني علي ، فإن وجد فيهم من يرضى بهديه وإسلامه وأمانته فإنه يجعله إن شاء ، … فهذا ما قضى عبد الله علي أمير المؤمنين في أمواله هذه … شهد أبو شمر بن أبرهة ، وصعصعة بن صوحان ، ويزيد بن قيس ، وهياج بن أبي هياج . وكتب عبد الله علي أمير المؤمنين بيده لعشرة خلون من جمادى الأولى سنة تسع وثلاثين ه) .

(114) ومع ذلك فان امير المؤمنين حين تصدى للحكم دعا الامة الى مراقبته ليؤسس صفة مراقبة الامة للحاكم قال (انظروا فان أنكرتم فأنكروا وان عرفتم فآزروا) (ابن أبي الحديد في شرح النهج1 / 92 في شرح الخطبة 16 : وهذه الخطبة من جلائل خطبه(ع) ومن مشهوراتها ، قد رواها الناس كلهم وفيها زيادات حذفها الرضى اما اختصارا أو خوفا من ايحاش السامعين ، وقد ذكرها شيخنا أبو عثمان الجاحظ في كتاب البيان والتبيين على وجهها ورواها عن أبي عبيدة معمر بن المثنى قال : أول خطبة خطبها أمير المؤمنين على(ع) بالمدينة في خلافته . .

(115) قال ابن ابي الحديد شرح نهج البلاغة ج81 ص22 : بعد ان اورد وصف ضرارا : إن الرياشى روى خبره ، ونقلته أنا من كتاب عبد الله بن إسماعيل بن أحمد الحلبي في التذييل على نهج البلاغه ص225 .

(116) قال عبد الله بن العباس : ما ندمت علي شئ فاتني في شبابي إلا أني لم أحج ماشيا ، ولقد حج الحسن بن علي خمسة وعشرين حجة ماشيا وإن النجائب لتقاد معه . (المجموع للنووي ج7/91 ، وفي رواية علي بن زيد بن جدعان قال حج الحسن خمس عشرة حجة ماشيا . (تاريخ دمشق 13/243) .

(117) الأمالي الشيخ الصدوق ص244 .

(118) روى احمد بن حنبل ، المسند 2/95 عن ابن شهاب عن سالم قال كان عبد الله بن عمر يفتى بالذي أنزل الله عز وجل من الرخصة بالتمتع وسن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه فيقول ناس لابن عمر كيف تخالف أباك وقد نهى عن ذلك فيقول لهم عبد الله ويلكم ألا تتقون الله إن كان عمر نهى عن ذلك فيبتغي فيه الخير يلتمس به تمام العمرة فلم تحرمون ذلك وقد أحله الله وعمل به رسول الله صلى الله عليه وسلم أفرسول الله صلى الله عليه وسلم أحق ان تتبعوا سنته أم سنة عمر .

(119) قال المسعودي في مروج الذهب 3/455 وفي سنة اثنتي عشرة ومائتين نادى منادي المأمون : برئت الذمة من احد من الناس ذكر معاوية بخير او قدمه على احد من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتكلم في أشياء من التلاوة انها مخلوقة ، وغير ذلك ، وتنازع الناس في السبب الذي من أجله أَمر بالنداء في أمر معاوية ، فقيل في ذلك أقاويل : منها أن بعض سُمّاره حدث بحديث عن مطرف بن المغيرة بن شعبة الثقفي ، وقد ذكر هذا الخبر الزبير بن بكار في كتابه في الاخبار المعروفة بالموفقيات التي صنفها للموفق ، وهو ابن الزبير ، قال : سمعت المدائني يقول : قال مطرف بن المغيرة بن شعبة : وَفَدْتُ مع أبي المغيرة الى معاوية ، فكان أبي يأتيه يتحدث عنده ثم ينصرف إليَّ فيذكر معاوية ويذكر عقله ويعجب مما يرى منه ، إذ جاء ذات ليلة فأمسك عن العشاء ، فرأيته مغتما ، فانتظرته ساعة ، وظننت أنه لشيء حدث فينا أو في عملنا ، فقلت له : ما لي أراك مغتما منذ الليلة ؟ قال : يا بني ، إني جئت من عند أخبث الناس ، قلت له : وما ذاك ؟ قال : قلت له وقد خلوت به : إنك قد بلغت منا يا أمير المؤمنين ، فلو أظهرت عدْلًا وبسطت خيراً فإنك قد كبرت ، ولو نظرت إلى إخوتك من بني هاشم فوصلت أرحامهم فو الله ما عندهم اليوم شيء تخافه ، فقال لي : هيهات هيهات ! ! مَلكَ أخو تيمٍ فعدل وفعل ما فعل ، فو الله ما عدا ان هلك فهلك ذكره ، إلا أن يقول قائل : أبو بكر ، ثم ملك أخو عَدِيٍ ، فاجتهد وشمر عشر سنين ، فو الله ما عدا أن هلك فهلك ذكره ، إلا أن يقول قائل : عمر ، ثم ملك أخونا عثمان فملك رجلٌ لم يكن أحد في مثل نسبه ، فعمل ما عمل وعمل به فو الله ما عدا أن هلك فهلك ذكره ، وذكر ما فعلَ به ، وإن أخا هاشم يُصْرَخُ به في كل يوم خمس مرات : أشهد أن محمداً رسول الله ، فأي عمل يبقى مع هذا ؟ لا أمَّ لك ، والله ألا دفنا دفنا ، وإن المأمون لما سمعهذا الخبر بعثه ذلك على أن أمر بالنداء على حسب ما وصفنا ، وانشئت الكتب الى الآفاق بلعنه على المنابر ، فأعظَم الناسُ ذلك وأكبروه ، واضطربت العامة منه فأشير عليه بترك ذلك ، فأعرض عما كان هَمَّ به .

قال العلامة المجلسي 33/170 : في شرح قوله (والله ألا دفنا دفنا) : أي أقتلهم وأدفنهم دفنا ، أو أدفن وأخفي ذكرهم وفضائلهم وهو أظهر . اقول : بل اراد الامرين معا كمافي قول امير المؤمنين : والله لود معاوية أنه ما بقي من بني هاشم نافخ ضرمة إلا طعن في بطنه إطفاء لنور الله ، ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون (288) . مروج الذهب تحقيق محمد محيي الدين 3 / 19 ، طبعة يوسف اسعد .

(120) ابن ابي الحديد : شرح نهج البلاغة ج11/4546

(121) كان قد خرج من مصر إلى دمشق فسئل عن فضائل معاوية فقال أي شيء أخرّج ما أعرف له من فضيلة إلاّ حديث : (اللّهمّ لا تشبع بطنه) فضربوه في الجامع وداسوا في خصييه (حضنيه) حتى اخرج من الجامع ، ثمّ حمل إلى مكة فمات بها سنة 303 ه‍ ، رواها الذهبي في تذكرة الحفاظ / 699 ط بيروت ، وابن خلكان في وفيات الأعيان 1 / 77 والمقريزي في المقفى الكبير 1 / 402 وغيرهم ، وابن حجر في تهذيب التهذيب(ج1 ص33) : ترجمة النسائي .

(122) الفيض الكاشاني ، الوافي عن الكافي ، 1 / 279 / 1 / 1 محمد والحسين بن محمد عن جعفر بن محمد عن علي بن الحسين بن علي عن إسماعيل بن مهران عن أبي جميلة عن معاذ بن كثير عن أبي عبد اللَّه عليه السّلام قال : إن الوصية نزلت من السماء على محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم كتابا لم ينزل على محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم كتاب مختوم إلا الوصية فقال جبرئيل عليه السّلام يا محمد هذه وصيتك في أمتك عند أهل بيتك … وكان عليها خواتيم قال ففتح علي عليه السّلام الخاتم الأول ومضى لما فيها ثم فتح الحسن عليه السّلام الخاتم الثاني ومضى لما أمر به فيها فلما توفي الحسن عليه السّلام ومضى فتح الحسين عليه السّلام الخاتم الثالث فوجد فيها أن قاتل فأقتل وتقتل واخرج بأقوام للشهادة لا شهادة لهم إلا معك قال ففعل عليه السّلام فلما مضى دفعها إلى علي بن الحسين قبل ذلك ففتح الخاتم الرابع فوجد فيها أن اصمت . وأطرق لما حجب العلم فلما توفي ومضى دفعها إلى محمد بن علي عليه السّلام ففتح الخاتم الخامس فوجد فيها أن فسر كتاب اللَّه وصدق أباك . وورث ابنك واصطنع الأمة وقم بحق اللَّه تعالى وقل الحق في الخوف والأمن ولا تخش إلا اللَّه ففعل ثم دفعها إلى الذي يليه … . 742 – 3 الكافي ، 1 / 281 / 3 / 1 محمد عن أحمد عن السراد عن ابن رئاب عن ضريس الكناسي عن أبي جعفر عليه السّلام قال : قال له حمران جعلت فداك أرأيت ما كان من أمر علي والحسن والحسين عليه السّلام وخروجهم وقيامهم بدين اللَّه عز وجل وما أصيبوا من قتل الطواغيت إياهم . والظفر بهم حتى قتلوا وغلبوا فقال أبو جعفر عليه السّلام يا حمران إن اللَّه تبارك وتعالى قد كان قدر ذلك عليهم وقضاه وأمضاه وحتمه ثم أجراه ، فبتقدم علم ذلك إليهم من رسول اللَّه صلّى الله عليه وآله وسلّم قام علي والحسن والحسين عليه السّلام وبعلم صمت من صمت منا » .

المصادر والمراجع:

  1. 1. القرآن الكريم.
  2. 2. نهج البلاغة، جمع الشريف الرضي، تحقيق الشيخ محمد عبده، دار الذخائر – قم 1412ه‍.
  3. 3. الصحيفة السجادية.

ابن ابي الحديد المعتزلي:

  1. 4. شرح نهج البلاغة، دار احياء الكتب العربية 1959م. ابن الاثير، اسد الغابه، دار احياء التراث العربي بيروت.

ابن الاثير، عزّ الدّين ابن الأثير الجزري:

  1. 5. الكامل في التاريخ، دار صادر بيروت 1966م .
  2. 6. جامع الاصول، مكتبة الحلواني ـ مطبعة الملاح ـ مكتبة دار البيان 1972م.
  3. 7. ـ ابن الجعد، علي:
  4. 8. مسند ابن الجعد تحقيق رواية وجمع أبي القاسم عبد الله بن محمد البغوي (ت 317) ومراجعة وتعليق وفهرسة الشيخ عامر أحمد حيدر، 1417ه‍- 1996م.

ابن الجوزي، أبي الفرج جمال الدين عبد الرحمن بن علي بن محمد القرشي ت597ه‍:

  1. 9. زاد المسير في علم التفسير، دار الفكر 1407ه‍.

ابن الشِّحْنَة، أحمد بن محمد لسان الدين الثقفي (ت882ه‍):

  1. 10. روضة المناظر في علم الأوائل والأواخر.

ابن الصباغ المالكي:

  1. 11. الفصول المهمةفي معرفة الأئمّة، تحقيق سامي الغريري دار الحديث للطباعة والنشر 1422ه‍.

ابن العجمي، برهان الدين الحلبي (ت841ه‍):

  1. 12. الكشف الحثيث عمن رمي بوضع الحديث ، حققه وعلق عليه صبحي السامرائي، عالم الكتب مكتبة النهضة العربية 1407ه‍ 1987م.

ابن العديم:

  1. 13. بغية الطلب في تاريخ حلب، تحقيق الدكتور سهيل زكار ، مؤسسة البلاغ ـ بيروت 1408ه‍.

ابن المهنا:

  1. 14. عمدة الطالب في انساب آل ابي طالب، طبعة لكهنو.

ابن النديم، أبو الفرج محمد بن أبي يعقوب اسحق المعروف بالوراق:

  1. 15. الفهرست، تحقيق رضا تجدد.

ابن تيمية، الحراني الحنبلي الدمشقي (المتوفى: 728هـ):

  1. 16. منهاج السنة ، تحقيق محمد رشاد سالم، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية 1406هـ – 1986م.

ابن حبان، علاء الدين علي بن بلبان الفارسي :

  1. 17. الثقات، دائرة المعارف العثمانية 1393ه‍.
  2. 18. المجروحين، تحقيق محمود ابراهيم زايد، دار الوعي حلب، 1396ه‍.
  3. 19. صحيح ابن حبان، تحقيق شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة 1993م.

ابن حجر، شهاب الدين العسقلاني،

  1. 20. الاصابة، دار الكتب العليمة بيروت 1415ه‍ .
  2. 21. تهذيب التهذيب، دار الفكر بيروت 1984م.
  3. 22. فتح الباري، دار احياء التراث العربي بيروت.
  4. 23. لسان الميزان، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات بيروت 1971م 1390ه‍.

ابن حزم، أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد:

  1. 24. المحلى، تحقيق احمد محمود شاكر، دار الفكر بيروت.

ابن حمدون:

  1. 25. التذكرة الحمدونية، تحقيق احسان عبّاس و بكر عبّاس، دار صادر للطباعة والنشر1996م، ج9 ص294 .

ابن خلدون، عبد الرحمن:

  1. 26. تاريخ ابن خلدون (ت808)، دار احياء التراث العربي بيروت.

ابن خلكان:

  1. 27. وفيات الاعيان، تحقيق إحسان عباس، دار الثقافة بيروت.

ابن سعد ، محمد:

  1. 28. ترجمة الإمام الحسن(ع) (من طبقات ابن سعد)، تهذيب وتحقيق السيد عبد العزيز الطباطبائي، مؤسسة آل البيت(ع) لإحياء التراث – قم 1416ه‍.

ابن سعد، محمد:

  1. 29. الطبقات الكبرى، دار صادر بيروت.

ابن سيد الناس، محمد بن عبد الله بن يحيى:

  1. 30. عيون الاثر في فنون المغازي والشمائل والسير ، مؤسسة عز الدين بيروت 1406 – 1986م.

ابن طيفور:

  1. 31. بلاغات النساء، بصيرتي قم.

ابن عبد البر:

  1. 32. الاستيعاب، دار الجيل بيروت 1992.
  2. 33. جامع بيان العلم وفضله، دار الكتب العلمية بيروت 1398ه‍.

ابن عبد ربه الاندلسي :

  1. 34. العقد الفريد، دار الكتب العلمية – بيروت 1404.

ابن عدي، أبي أحمد عبد الله الجرجاني:

  1. 35. الكامل في لضعفاء الرجال، دار الفكر بيروت 1988م.

ابن عساكر :

  1. 36. تاريخ مدينة دمشق، دار الفكر بيروت 1415ه‍ .

ابن كثير، أبو الفداء إسماعيل بن عمر القرشي البصري ثم الدمشقي (المتوفى: 774هـ):

  1. 37. البداية والنهاية، دار احياء التراث العربي بيروت 1988م.
  2. 38. تفسير القران العظيم، تقديم يوسف عبد الرحمن المرعشلي، دار المعرفة بيروت 1992م.
  3. 39. جامع المسانيد والسُّنَن الهادي لأقوم سَنَن، تحقيق د عبد الملك بن عبد الله الدهيش، دار خضر للطباعة والنشر والتوزيع بيروت 1419 ه‍ ـ 1998م.

ابن ماجة:

  1. 40. سنن ابن ماجة، دار الفكر بيروت.

ابن مسكويه:

  1. 41. تجارب الامم، دار سروش للطباعة طهران 2001م.

ابن معين ، عثمان بن سعيد الدارمي(ت280ه‍):

  1. 42. تاريخ ابن معين، دار المأمون للتراث دمشق.

ابن منظور، أبي الفضل جمال الدين محمد بن مكرم الإفريقي المصري:

  1. 43. لسان العرب، نشر ادب الحوزة 1405ه‍.

أبو بكر بن أبي عاصم الشيباني (المتوفى: 287ه‍):

  1. 44. السنة لابي عاصم، تحقيق محمد ناصر الدين الألباني ، المكتب الإسلامي – بيروت الطبعة: الأولى، 1400.

ابو الفداء:

  1. 45. المختصر في اخبار البشر ـ تاريخ أبي الفداء، دار المعرفة للطباعة والنشر بيروت.

ابو نعيم:

  1. 46. حلية الاولياء وطبقات الاصفياء، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت.

احمد بن حنبل:

  1. 47. العلل ومعرفة الرجال تحقيق : الدكتور وصي الله بن محمود عباس، دار الخاني الرياض1408ه‍.
  2. 48. مسند احمد، دار صادر بيروت.

أحمد زكي صفوت:

  1. 49. جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة، مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده ط1، 1352ه‍ / 1923م.

الإربلي، ابن أبي الفتح:

  1. 50. كشف الغمة، دار الاضواء بيروت 1985م .

إسحاق بن راهويه:

  1. 51. مسند ابن راهويه، تحقيق الدكتور عبد الغفور عبد الحق حسين برد البلوسي، مكتبة الإيمان – المدينة المنورة 1412.

الاصفهاني، ابو الفرج:

  1. 52. الاغاني، دار احياء التراث العربي.

الأصفهاني، ابو الفرج:

  1. 53. مقاتل الطالبيين، ،المكتبة الحيدرية النجف 1965م.

آل ياسين، الشيخ راضي :

  1. 54. صلح الحسن(ع) ، الطبعة الثالثة بيروت .

الآلوسي، شهاب الدين محمود بن عبد الله الحسيني (ت1270ه‍) :

  1. 55. روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، تحقيق علي عبد الباري عطية ، دار الكتب العلمية – بيروت 1415 ه‍ .

الامام الشافعي، أبي عبد الله محمد بن إدريس:

  1. 56. المسند، دار الكتب العلمية.

الاميني:

  1. 57. الغدير، دار الكتاب العربي 1977م.

الأندلسي، أبو حيان محمد بن يوسف ت745:

  1. 58. تفسير البحر المحيط، دار الكتب العلمية بيروت 1422 – 2001م.

الباعوني الشافعي، احمد بن علي الدمشقي:

  1. 59. جواهر المطالب في فضائل الامام علي(ع) ، دانش قم 1415ه‍.

البخاري، ابي عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم ابن المغيرة بن بردزبة :

  1. 60. الأدب المفرد، مؤسسة الكتب الثقافية بيروت 1986م.
  2. 61. التاريخ الكبير، المكتبة الإسلامية – ديار بكر – تركيا.
  3. 62. صحيح البخاري، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع 1401ه‍ ـ1981م.

البدري، السيد سامي بن جابر بن عباس :

  1. 63. الامام الحسين(ع) في مواجهة الضلال الاموي ، دار الفقه قم 1430ه‍ ـ 2009م.
  2. 64. السيرة النبوية تدوين مختصر.دار الفقه قم 1426 ه‍.
  3. 65. شبهات وردود، دار الفقه قم 1422 ه‍.
  4. 66. المدخل الى دراسة مصادر السيرة النبوية والتاريخ الاسلامي

البراقي النجفي، حسين ابن السيد أحمد (ت1332 ه‍):

  1. 67. تاريخ الكوفة، تحقيق ماجد بن أحمد العطية، شريعت قم 1424ه‍ .

البرقي، أبي جعفر أحمد بن محمد بن خالد:

  1. 68. المحاسن ، دار الكتب الإسلامية – طهران ، 1370 – 1330 ش.

البزار، أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق :

  1. 69. مسند البزار، مكتبة العلوم والحكم – المدينة المنورة ، 1988م الى 2009م.

بشير المحمدي:

  1. 70. مسند زرارة

البلاذري:

  1. 71. انساب الاشراف، دار المعارف مصر.
  2. 72. فتوح البلدان، مكتبة النهضة المصرية 1956م.

البوصيري، للحافظ أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل :

  1. 73. إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة، موافق لطبعة دار الوطن 1420هـ – 1999م.

البيشوائي، مهدي:

  1. 74. سيرة الائمة، ترجمه من الفارسية الى العربية حسين الواسطي 1423هجرية.

البيهقي، أحمد بن الحسين بن علي بن موسى الخُسْرَوْجِردي الخراساني، أبو بكر (ت458ه‍):

  1. 75. السنن الصغرى، مكتبة الرشد الرياض 1422ه‍ – 2001م.
  2. 76. السنن الكبرى، دار الفكر.
  3. 77. سنن البيهقي.
  4. 78. معرفة السنن والاثار، تحقيق سيد كسروي حسن، الناشر : دار الكتب العلمية.

الترمذي:

  1. 79. سنن الترمذي، تحقيق وتصحيح : عبد الوهاب عبد اللطيف، دار الفكر بيروت 1983م.
  2. 80. الثقفي، ابراهيم بن محمد ، الغارات، السيد جلال الدين الحسيني الأرموي المحدث.

الجاحظ:

  1. 81. البيان والتبيين، المكتبة التجارية الكبرى 1926م.

الجرجاني، أبو القاسم حمزة بن يوسف بن إبراهيم السهمي القرشي:

  1. 82. سؤالات حمزة بن يوسف السهمي (ت427ه‍)، تحقيق موفق بن عبد الله بن عبدالقادر، مكتبة المعارف – الرياض 1404ه‍ ـ1984م.

جرهارد كونسلمان:

  1. 83. سطوع نجم الشيعة، ترجمه من الالمانية محمد ابورحمة، طبع مكتبة مدبولي القاهرة ط2 : 1414ه‍1993م.

الجوهري البصري، أبو بكر أحمد بن عبد العزيز:

  1. 84. السقيفة، شركة الكتبي 1993م.

الحاكم النيسابوري:

  1. 85. المستدرك على الصحيحين، تحقيق المرعشلي.

الحائري، السيد كاظم:

  1. 86. القيادة الاسلامية.

حتي، فليب:

  1. 87. العرب تاريخ موجز:

الحر العاملي، الشيخ محمد بن الحسن:

  1. 88. وسائل الشيعة، تحقيق الشيخ عبد الرحيم الرباني الشيرازي، دار احياء التراث العربي بيروت – لبنان 1983م.

الحراني، ابن شعبة:

  1. 89. تحف العقول، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
  2. 90. 1414ه‍.

الحربي، إبراهيم بن إسحاق :

  1. 91. غريب الحديث، دار المدينة للطباعة والنشر والتوزيع جدة 1405ه‍.

الحسكاني:

  1. 92. شواهد التنزيل، تحقيق محمد باقر المحمودي، ؤسسة الطبع والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي- مجمع إحياء الثقافة الإسلامية1990م.

حسين عطوان:

  1. 93. رواية الشاميين للمغازي والسير في القرنين الأول والثاني الهجري، ط/1986.

الحموي، ياقوت :

  1. 94. عجم البلدان، دار احياء التراث 1979م.
  2. 95. معجم الأدباء ، دار الفكر بيروت 1400ه‍ 1980م.

الحميدي، عبد الله بن الزبير:

  1. 96. مسند الحميدي، تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي، دار الكتب العلمية – بيروت 1409 – 1988م.
  2. 97. الحميري، محمد بن عبد المنعم:
  3. 98. الروض المعطار في خبر الاقطار، تحقيق الدكتور إحسان عباس، مكتبة لبنان 1984م.

الشيخ وحيد الخراساني :

  1. 99. منهاج الصالحين.

الخربوطلي:

  1. 100. العراق في ظل الحكم الاموي، دار المعارف ، 1959م.

الخرسان، السيد محمد مهدي:

  1. 101. موسوعة عبد الله بن عباس، مركز الأبحاث العقائدية 2000م.

الخضري، الشيخ محمد:

  1. 102. الدولة الاموية، دار المعرفة للطباعة والنشر 2005.

الخطيب البغدادي، احمد بن علي بن ثابت،

  1. 103. تقييد العلم، تحقيق يوسف العش، دار إحياء السنة النبوية.
  2. 104. الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، دار الكتب العلمية 1997م.

خليفة بن خياط:

  1. 105. تاريخ خليفة بن خياط، تحقيق د.سهيل زكار، دار الفكر بيروت.

خماش، نجدت:

  1. 106. الإدارة في العصر الأموي ، ط1، دار الفكر دمشق،1980م.

الخوارزمي:

  1. 107. المناقب، تحقيق الشيخ مالك المحمودي، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة1414ه‍ .

الخوئي، السيد ابو القاسم الموسوي :

  1. 108. معجم رجال الحديث، سنة الطبع : 1413ه‍ – 1992م.

الخيرو، رمزية عبد الوهاب:

  1. 109. إدارة العراق في صدر الإسلام ، دار الحرية للطباعة والنشر، بغداد ، 1978م.

الدارمي:

  1. 110. سنن الدارمي، الاعتدال دمشق 1349ه‍ .

الدميري:

  1. 111. حياة الحيوان الكبرى، دار الكتب العلمية، بيروت 1424 ه‍ .

الدينوري، ابن قتيبة، أبي محمد عبد الله بن مسلم:

  1. 112. الامامة والسياسية، الشريف الرضي قم 1413.
  2. 113. عيون الاخبار، دار الكتب العلمية 2003م.
  3. 114. الشعر والشعراء ، تحقيق الشيخ أحمد محمد شاكر، دار الحديث القاهرة 1427 ه‍ – 2006م.
  4. 115. المعارف، الناشر دار المعارف بمصر1969م.

الدينوري، أحمد بن داوود:

  1. 116. الاخبار الطوال، دار احياء الكتب العربي القاهرة 1960م.

الذهبي ، شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد ت748 :

  1. 117. تاريخ الاسلام، تحقيق د.عمر السلام تدمري، دار الكتاب العربي بيروت 1987.
  2. 118. تذكرة الحفاظ، دار الكتب العلمية بيروت 1998م.
  3. 119. سير أعلام النبلاء، مؤسسة الرسالة 1993م.
  4. 120. الكاشف في معرفة من له رواية في كتب الستة، تقديم وتعليق محمد عوامة، (دار القبلة للثقافة الاسلامية – جدة)، (مؤسسة علوم القرآن – جدة) 1413 – 1992م .
  5. 121. ميزان الاعتدال، تحقيق علي محمد البجاوي، دار المعرفة بيروت1963م.
  6. 122. المغني، تحقيق ابي الزهراء حازم القاضي الضعفاء، دار الكتب العلمية بيروتع 1997م.

الرازي، أبى محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم التميمي الحنظلي:

  1. 123. الجرح والتعديل، دار إحياء التراث العربي بيروت 1952م.

الراوندي، قطب الدين:

  1. 124. الخرائج والجرائج، مؤسسة الامام المهدي(ع) المطبعة العلمية قم 1409ه‍ :

الراوي ، ثابت اسماعيل :

  1. 125. العراق في العصر الاموي، مطبعة النعمان، ط2، بغداد1970م.

الزبير بن بكار:

  1. 126. جمهرة نسب قريش وأخبارها.

الزمخشري:

  1. 127. ربيع الأبرار ونصوص الأخبار، تحقيق عبد الأمير مهنا، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات بيروت 1992م.

الزيلعي:

  1. 128. نصب الراية، دار الحديث ، القاهرة 1995م.

السجستاني، أبو بكر عبد الله بن سليمان بن الأشعث بن إسحاق (316 ه‍):

  1. 129. المصاحف، دار الكتب العلمية – بيروت، سنة 1995م.

سليم بن قيس الهلالي الكوفي:

  1. 130. كتاب سليم بن قيس، تحقيق تحقيق محمد باقر الأنصاري الزنجاني، دليل ما قم 1422ه‍.

السمعاني، ابي سعيد عبد الكريم بن محمد بن منصور التميمي:

  1. 131. أدب الإملاء والاستملاء ، شرح ومراجعه سعيد مجمد اللحام، دار ومكتبة الهلال 1409ه‍ – 1989م.

السيد محسن الامين:

  1. 132. أعيان الشيعة، تحقيق السيد حسن الامين، دار التعارف بيروت.

سيد محمد بن عقيل العلوي:

  1. 133. النصائح الكافية، دار الثقافة قم 1412ه‍ .

السيوطي، جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر (ت911):

  1. 134. تاريخ الخلفاء، معتوق اخوان بيروت.
  2. 135. الجامع الصحيح المختصر، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع – بيروت 1981م.
  3. 136. الدر المنثور في التفسير بالمأثور، دار المعرفة بيروت.

شرف الدين الموسوي :

  1. 137. الفصول المهمه ، مؤسسة البعثة.

الشريف الرضي:

  1. 138. ديوان الشريف الرضي، دار صادر1961م.

شعوط، ابراهيم :

  1. 139. أباطيل يجب ان تمحى من التاريخ، المكتب الاسلامي، الطبعة السادسة 1408 ه‍ 1988م. ص204 .

الشهرستاني، السيد علي:

  1. 140. منع تدوين الحديث، مركز الابحاث العقائدية قم 1420ه‍.
  2. 141. وضوء النبي (ص)، الناشر المؤلف 1415 ه‍ – 1994 م.

الشوكاني:

  1. 142. فتح القدير، عالم الكتب.

الشيباني، أبو بكر أحمد بن عمرو بن الضحاك :

  1. 143. الاحاد والمثاني، دار الدراية للطباعة والنشر والتوزيع 1991م.

الشيخ الصدوق، ابن بابويه:

  1. 144. وعلل الشرائع، تحقيق وتقديم السيد محمد صادق بحر العلوم، منشورات المكتبة الحيدرية ومطبعتها – النجف الأشرف 1385 ـ 1966م.

الشيرازي، ناصر مكارم:

  1. 145. تفسير الامثل، مدرسة الامام علي بن ابي طالب قم 1421ه‍.

الصدوق:

  1. 146. الأمالي، مركز الطباعة والنشر في مؤسسة البعثة 1417ه‍ ، ص140.

الصفار، محمد بن الحسن بن فروخ ، ت290:

  1. 147. بصائر الدرجات، تصحيح وتعليق وتقديم: الحاج ميرزا حسن كوچه باغي، منشورات الأعلمي – طهران 1404 – 1362 ش.

الصفدي، صلاح الدين خليل بن أيبك بن عبد الله (المتوفى: 764هـ):

  1. 148. الوافي بالوفيات، أحمد الأرناؤوط وتركي مصطفى دار إحياء التراث بيروت 1420 – 2000م

صفوت، احمد زكي:

  1. 149. جمهرة رسائل العرب في العصور العربية الزاهرة، المكتبة العلمية 1937م.

الصنعاني:

  1. 150. المصنف، المكتب الإسلامي بيروت 1403ه‍.

الضبي، ابن بكار:

  1. 151. اخبار الوافدات من النساء، مؤسسة الرسالة 1983م.

الطبراني، أبي القاسم سليمان بن أحمد:

  1. 152. المعجم الكبير، دار احياء التراث العربي بيروت.
  2. 153. مسند الشاميين، تحقيق حمدي عبد المجيد السلفي، مؤسسة الرسالة بيروت 1417 – 1996م.
  3. 154. كتاب الاوائل، تحقيق محمد شكور بن محمود الحاجي أمرير، مؤسسة الرسالة 1408ه‍-1987م.

الطبرسي، الفضل بن الحسن:

  1. 155. إعلام الورى بأعلام الهدى، ترجمة الحسن(ع) ، ص213، مؤسسة أل البيت لاحياء التراث قم 1417ه‍.

الطبرسي، أمين الاسلام أبي علي الفضل بن الحسن:

  1. 156. مجمع البيان في تفسير القران ، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات بيروت 1415ه‍ 1995م.

الطبري، أبى جعفر محمد بن جرير:

  1. 157. تاريخ الطبري، مؤسسة الاعلمي بيروت 1983.
  2. 158. تفسير الطبري، تحقيق أحمد محمد شاكر ، مؤسسة الرسالة 2000م.
  3. 159. المنتخب من ذيل المذيل، مؤسسة الاعلمي بيروت.

الطحاوي، أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة بن عبد الملك بن سلمة الأزدي الحجري المصري (ت321ه‍):

  1. 160. شرح معاني الاثار، تحقيق محمد زهري النجار – محمد سيد جاد الحق، عالم الكتب، 1414 ه‍، 1994م.
  2. 161. شرح مشكل الآثار، تحقيق شعيب الأرنؤوط ، مؤسسة الرسالة 1415 ه‍، 1494م.

الطوسي ، ابو جعفر محمد بن الحسن (ت460 ه‍):

  1. 162. اختيار معرفة الرجال الشيخ، مؤسسة آل البيت قم 1404 ه‍.
  2. 163. الأمالي، دار الثقافة قم 1414ه‍.
  3. 164. التبيان في تفسير القرآن، دار احياء التراث العربي 1409ه‍.
  4. 165. الفهرست، تحقيق الشيخ جواد القيومي، الفقهاهة قم 1417ه‍ ، ص72.

الطيالسي، سليمان بن داود:

  1. 166. مسند ابي داود الطيالسي، دار المعرفة بيروت.

العاملي، علي الكوراني:

  1. 167. الانتصار، دار السيرة لبنان 1422م.
  2. 168. جواهر التاريخ، باقيات 1430ه‍.

العاملي، جعفر مرتضى:

  1. 169. الصحيح من سيرة الامام علي(ع) .
  2. 170. الصحيح من سيرة النبي الاعظم (ص).

العجلي، أحمد بن عبد الله بن صالح أبو الحسن الكوفي:

  1. 171. معرفة الثقات، مكتبة الدار بالمدينة المنورة 1405ه‍ 1985م.

العسكري، السيد مرتضى:

  1. 172. أحاديث أم المؤمنين عائشة، التوحيد للنشر 1414ه‍ 1994م .
  2. 173. القرآن وروايات المدرستين.
  3. 174. معالم المدرستين، مؤسسة النعمان للطباعة والنشر والتوزيع – بيروت 1990ه‍.
  4. 175. عبد الله بن سبأ.

العظيم آبادي ، أبي الطيب محمد شمس الحق:

  1. 176. عون المعبود شرح سنن أبي داود، دار الكتب العلمية بيروت 1415ه‍ 1995م .

العقيلي، أبي جعفر محمد بن عمرو بن موسى بن حماد المكي:

  1. 177. الضعفاء الكبير (ضعفاء العقيلي) ، حققه ووثقه الدكتور عبد المعطى أمين قلعجي، دار الكتب العلمية بيروت 1418ه‍ 1998م.
  2. 178. العودة، سليمان، عبد الله بن سبأ ودوره في احداث الفتنة، الطبعة الاولى .

العيني:

  1. 179. عمدة القاري، دار احياء التراث العربي بيروت.

الفاكهي:

  1. 180. أخبار مكة .

الفتلاوي، كاظم عبّود:

  1. 181. الكشّاف المُنتقى لفضائل عليّ المرتضى عليه السلام، مكتبة الروضة الحيدريّة ـ العراق، النجف الأشرف 1426 ه‍ / 2005م.

الفسوي، يعقوب بن سفيان بن جوان الفارسي أبو يوسف (ت 277ه‍):

  1. 182. المعرفة والتاريخ، تحقيق أكرم ضياء العمري ، مؤسسة الرسالة، بيروت1401 ه‍- 1981م.

فوزي، فاروق عمر:

  1. 183. بحوث في التاريخ العباسي، دار مجدلاوي للنشر والتوزيع 2003م.
  2. 184. الفيض الكاشاني، محمد محسن، الوافي، مكتبة الامام أمير المؤمنين علي(ع) العامة – أصفهان 1406ه‍.

القاضي عياض، أبو الفضل بن موسى اليحصبي (المتوفى: 544هـ) ،

  1. 185. ترتيب المدارك وتقريب المسالك، مطبعة فضالة – المحمدية المغرب.

القرشي، الشيخ باقر شريف:

  1. 186. حياة الامام الحسن(ع) ، 1952م.

القسطلاني، شهاب الدين:

  1. 187. ارشاد الساري الى شرح صحيح البخاري، الأميرية ـ بولاق 1323ه‍.

القشلندي:

  1. 188. صبح الاعشى في صناعة الانشا، دار الكتب العلمية بيروت.

القضاعي، محمد بن سلامة:

  1. 189. مسند الشهاب، تحقيق حمدي عبد المجيد السلفي، مؤسسة الرسالة – بيروت 1405 – 1985 م .

القمي، الشيخ عباس:

  1. 190. الكنى والالقاب، مكتبة الصدر ـ طهران.

القمي، شاذان بن جبرئيل :

  1. 191. الروضة في فضائل امير المؤمنين،1423ه‍.

القمي، علي بن ابراهيم :

  1. 192. تفسير القمي، تصحيح وتعليق وتقديم : السيد طيب الموسوي الجزائري، مؤسسة دار الكتاب للطباعة والنشر – قم – ايران 1404ه‍.

القندوزي:

  1. 193. ينابيع المودة، تحقيق سيد علي جمال أشرف الحسيني، دار الأسوة للطباعة والنشر 1416ه‍.

الكليني:

  1. 194. الكافي، دار الكتب الاسلامية طهران 1363 ش.

الكوفي:

  1. 195. ابن ابي شيبة، المصنف، دار الفكر بيروت 1989م.

مالك بن انس:

  1. 196. الموطا، دار التراث العربي بيروت 1985م.

المالكي، حسن فرحان:

  1. 197. نحو انقاذ التاريخ الاسلامي، مؤسسة اليمامة الصحفية 1418ه‍.

المتقي الهندي:

  1. 198. كنز العمال، مؤسسة الرسالة – بيروت 1989م.

المجلسي :

  1. 199. بحار الانوار، مؤسسة الوفاء بيرت 1983م

المحب الطبري:

  1. 200. الرياض النضرة في مناقب العشرة، دار الكتب العلمية بيروت.

محمد بن أحمد الدولابي :

  1. 201. الذرية الطاهرة النبوية، تحقيق سعد المبارك الحسن، الدار السلفية – الكويت 1407ه‍.

محمد بن إسحاق بن يسار المطلبي بالولاء المدني (ت151هـ):

  1. 202. سيرة ابن اسحاق (كتاب السير والمغازي)، تحقيق: سهيل زكار دار الفكر ـ بيروت 1398هـ /1978م.

محمد بن حبيب البغدادي:

  1. 203. المنمق ، صححه وعلق عليه خورشيد أحمد فاروق.

محمد بن علي بن طباطبا المعروف بابن الطقطقي:

  1. 204. الفخري في الاداب السلطانية، دار القلم العربي 1997م .

محمد تقي التستري:

  1. 205. قاموس الرجال، مؤسسة النشر الاسلامي جامعة مدرسين قم 1419ه‍.

محمود احمد شاكر:

  1. 206. موسوعة التاريخ الاسلامي، المكتب الإسلامي بيروت 1400ه‍ .

المحمودي ، الشيخ محمد باقر:

  1. 207. نهج البلاغة نهج السعادة في مستدرك نهج البلاغة، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات – بيروت.

المرعشي:

  1. 208. شرح احقاق الحق، مكتبة المرعشي النجفي قم.

المزي:

  1. 209. تهذيب الكمال، مؤسسة الرسالة بيروت 1985م.

المسعودي:

  1. 210. مروج الذهب، دار الهجرة ايران 1984م، ج3 ص20.

المغربي، القاضي النعمان:

  1. 211. شرح الاخبار في فضائل الأئمة الأطهار، تحقيق السيد محمد الحسيني الجلالي، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة 1414ه‍.

مغلطاي، علاء الدين ابن قليج بن عبد الله البكري الحنفي(762 ه‍):

  1. 212. إكمال تهذيب الكمال في أسماء الرجال، تحقيق أبي عبد الرحمن، الفاروق الحديثة للطباعة والنشر 2001م.

المفيد، محمد بن محمد النعمان ابن المعلم ت (413 ه‍):

  1. 213. الاختصاص، دار المفيد بيروت 1993م.
  2. 214. الارشاد في معرفة حجج الله على العباد، دار المفيد بيروت1993م .
  3. 215. الجمل، مكتبة الداوري قم.

المقدسي، المطهر بن طاهر(ت355ه‍):

  1. 216. البدء والتاريخ، مكتبة الثقافة الدينية بور سعيد.

المقريزي، تقي الدين أحمد بن علي بن عبد القادر بن محمد:

  1. 217. امتاع الاسماع بما للنبي صلى الله عليه وسلم من الأحوال والأموال والحفدة والمتاع، تحقيق وتعليق : محمد عبد الحميد النميسي، منشورات محمد علي بيضون ، دار الكتب العلمية – بيروت – لبنان 1420ه‍ – 1999م.

الموصلي، ابي يعلى:

  1. 218. مسند ابي يعلى، تحقيق حسين سليم، دار المأمون للتراث.

النجاشي، أبو العباس أحمد بن علي بن أحمد بن العباس الأسدي الكوفي ت450ه‍:

  1. 219. فهرست أسماء مصنفي الشيعة المشتهر ب‍ رجال النجاشي، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة 1416ه‍.

النسائي، أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي بن بحر:

  1. 220. خصائص امير المؤمنين علي بن ابي طالب، تحقيق وتصحيح الأسانيد ووضع الفهارس : محمد هادي الأميني، مكتبة نينوى الحديثة ـ طهران.
  2. 221. السنن الكبرى، دار الكتب العلمية 1991م.
  3. 222. سنن النسائي، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع – بيروت 1930م.
  4. 223. فضائل الصحابة، دار الكتب العلمية بيروت.

نصر بن مزاحم المنقري:

  1. 224. وقعة صفين، مكتبة المرعشي النجفي 1403ه‍.

النميري، عمر بن شبة:

  1. 225. تاريخ المدينة المنورة، دار الفكر 1410ه‍.

النووي، أبي زكريا محيي الدين بن شرف (ت676):

  1. 226. المجموع، دار الفكر.

النيسابوري، الفضل بن شاذان الأزدي (ت260ه‍):

  1. 227. الايضاح، جامعة طهران 1363ش.

النيسابوري، مسلم بن الحجاج:

  1. 228. صحيح مسلم، دار الفكر بيروت .

الهاشمي الخوئي، العلامة المحقق الحاج ميرزا حبيب:

  1. 229. منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة، بنياد فرهنگ امام المهدي (عج) 1360.

الهيثمي، نور الدين علي بن أبي بكر:

  1. 230. مجمع الزوائد، دار الكتب العلمية 1988م.

محمد بن عمر الواقدي:

  1. 231. المغازي ، دانش اسلامي 1405ه‍، تحقيق مارسدن جونس.

وجدي، فريد:

  1. 232. دائرة المعارف الاسلامية، دار الشعب في مصر.

اليعقوبي:

  1. 233. تاريخ اليعقوبي، دار صادر بيروت.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.